قمة الرياض.. تفاهمات إقليمية ودعم للبنان!.. غسان ريفي

هي قمة الحد الأدنى من المواقف العربية والاسلامية مقارنة مع حجم العدوان الاسرائيلي المستمر على غزة ولبنان منذ 13 شهرا، ومع المسؤوليات الملقاة على الدول المشاركة من أجل ممارسة الضغط العملاني الفوري للأخذ على يد العدو الصهيوني وإجباره على وقف إطلاق النار، بدل البيانات التقليدية التي تتضمن مصطلحات “الإدانة والتحذير والشجب والاستنكار والرفض” والدعوات الى محاسبة إسرائيل.

كان يُفترض بهذه القمة العربية والاسلامية المنعقدة على وقع المجازر الصهيونية المتنقلة بين غزة ولبنان والتي حصدت 52 ألف شهيدا في غزة و3250 شهيدا في لبنان عدا عشرات آلاف الجرحى والمفقودين، أن تحاسب إسرائيل على “الحاضر”، أقله على صعيد إستدعاء الدول المطبّعة للسفراء الاسرائيليين لديها، أو الاعلان عن تجميد هذا التطبيع أو إلغائه، بدل الدعوة الى حشد القوى لتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، أو الإكتفاء بالتحذير من إستمرار التصعيد الذي إنتهى منذ زمن بعيد وإستبدل بحرب الابادة الجماعية ضد المدنيين.

يمكن القول، إن القمة العربية الاسلامية تعاطت مع العدوان الاسرائيلي على قاعدة “أضعف الإيمان”، فإكتفت بإجتماع مكوناتها (57 دولة) وإصدار مواقف لتثبيت الحق الفلسطيني والحق اللبناني والتأكيد على وحشية إسرائيل وإجرامها، وقدمت بذلك دعما معنويا يحتاج الى نتائج الميدان التي تسطر فيه المقاومة في لبنان وغزة ملاحم من البطولة، تدفع إسرائيل الى التغطية على فشلها بالانتقام من المدنيين وإستهداف المناطق الآمنة.

وإذا كان الموقف العربي والاسلامي لم يرتق الى مستوى مواجهة إسرائيل بالمباشر للضغط عليها بوقف عدوانها، فإن ما شهدته هذه القمة على الصعيد السياسي يمكن البناء عليه في المستقبل لجهة:

أولا: التأكيد العربي والاسلامي على الحق الفلسطيني الثابت، والركون الى حل الدولتين كمدخل للإستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

ثانيا: الاحتضان العربي للبنان، وتمهيد لعودة الدور السعودي إليه ليس بطلب لبناني بل كما يبدو بتكليف عربي وإسلامي.

ثالثا: تعزيز عودة سوريا الى الحضن العربي تمهيدا لممارسة دورها الفاعل، في ظل المزيد من الانفتاح السعودي الذي ترجم بلقاء بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس بشار الأسد.

رابعا: التناغم السعودي الايراني التركي والذي أوحى بأن القمة إسلامية أكثر مما هي عربية، وأن العمل جار على قدم وساق لتظهير الصورة الثلاثية أمام الادارة الأميركية الجديدة كقوة إقليمية في الشرق الأوسط لا يمكن تجاوزها.

خامسا: تأجيل كل الكلام عن تطبيع سعودي أو خليجي مع إسرائيل، قبل إحقاق الحق الفلسطيني.

سادسا: قيام رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بإبلاغ الدول العربية والاسلامية بموقف لبنان الرسمي حيال الدعوة الى وقف إطلاق النار بشكل فوري، والالتزام بالقرار الأممي 1701 بكل مندرجاته، وإنتشار الجيش اللبناني في الجنوب.

وتقدم ميقاتي من الدول المشاركة بطلبات ثلاث هي: الضغط على إسرائيل، ودعم إقتصاد لبنان، والمساهمة في الصندوق التمويلي باشراف إدارة أممية للانفاق على إعادة الاعمار، على أن يكون خاضعا للتدقيق الدولي الموثوق، وقد كان الرئيس ميقاتي عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء ومسؤولين عرب ومسلمين للبحث في سبل دعم لبنان على كل الصعد.

سابعا: إستقبال الأمير محمد بن سلمان للرئيس ميقاتي والذي جاء بروتوكوليا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فهو تعبير واضح عن تضامن المملكة مع لبنان وإرتياحها للآداء السياسي للحكومة ورئيسها.

إذا، فقد جاءت القمة العربية الاسلامية بتفاهمات بين دول إقليمية كبرى من شأنها أن تبرد ساحة الشرق الأوسط، لكن التعويل الأساسي أن يساهم ذلك في الضغط على الادارة الأميركية الحالية والقادمة للأخذ على يد إسرائيل في أسرع وقت وإجبارها على وقف عدوانها على لبنان وغزة، عندها تصبح هذه القمة ناجحة على كل المستويات.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal