الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في القضاء!! بقلم: د. رنا الجمل

ما هو الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي وفقا لمعظم التعريفات الغالبة هو أي تقنية أو نظام يسمح لأجهزة الكمبيوتر بمحاكاة السلوك البشري،هو يقوم على الخوارزمية وهي عبارة عن قائمة من القواعد الرياضية التي تحل مشكلة فتمكّن الذكاء الاصطناعي والتعليم الآلي من التدريب على البيانات الموجودة لحّل مشكلة ما، وبالتدريب الذاتي تستطيع ان تحّل مشكلات متأتية عند العمل ببيانات جديدة ويُتخذ الحّل أو القرار بواسطة النظام وحده دون تدخل من البشر ،فعمله الأساسي وهدفه ثابتان وهما تحليل البيانات والتنبؤ وهناك امثلة كثيرة عن الذكاء الاصطناعي الضيّق كالروبوتات والسيارات ذاتية القيادة ونتائج محركات البحث وأدوات الترجمة عبر الانترنت وغيرها،
لكن في ظل هذا التطوّر المتسارع للتكنولوجيا هناك مشكلة حقيقية قد تكون عواقبها غير محمودة وهي ان الآلات ليس لديها نفس القيم التي يتمتع بها البشر فالخطر يكون في ان الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يؤدي الى ذكاء اصطناعي عام وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي العام اي الذكاء الذي يكون في معظم او كل النواحي في الحياة قد يشكل حجما مماثلا من التهديد مثل الإبادة وغيرها، فكيف يمكننا ضمان ان أي نظام من هذا القبيل يتماشى مع الأهداف والغايات البشرية و لا يرى البشر بدلا من ذلك على أنهم مصدر حروب وقتل وفتك وانتهاك أو يراهم تهديدا لوجوده ونفسه فيعمل بطريقة عكسية ويقضي على البشرية لطالما ان جميع البيانات محفظة لديه بما فيها مبادئ وأساسيات حقوق الإنسان..
نعم ،هذه المخاوف موجودة لذلك هناك دعوات متقطعة من مؤسسات الأمم المتحدة تدعو الى ابطاء وإيقاف و اعادة النظر بأبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي والعام!! وإدخال التقنيات البيومترية (تقنيات المراقبة المستخدمة لتحديد خصائص جسم الانسان باستخدام علامات بيولوجية فريدة مثل بصمات الأصبع وشبكية العين والقزحية وأنماط الوجه وقياسات اليد وهذه الأدوات التي يتم تسجيلها ومن خلالها التعرّف على اماكن تواجد الاشخاص و دقائق تنقلاتهم اليومية لهي اللاعب الأكبر اليوم في الاغتيالات التي ترتكب!!
المُهم، وبالعودة الى عنوان مقالتنا و هو عن الذكاء الاصطناعي في القضاء، فإن منظمة اليونسكو صاغت عدة إرشادات في آب ٢٠٢٤، تستهدف جميع الأطراف المعنية في النظام القضائي وهي:
١-حماية حقوق الانسان وأن لا تؤدي استخدامات الذكاء الاصطناعي الى انتهاك حقوق الأفراد.
٢-الشفافية والمساءلة، والتأكد من قابلية أنظمة الذكاء الاصطناعي من تحديد المسؤوليات دون حدوث أخطاء.
٣-الدقة والموثوقية وضمان جودة البيانات المستخدمة في تدريب وتشغيل هذه الأنظمة.
٥-الإشراف البشري والتأكيد على أهمية دور الإنسان في اتخاذ القرارات النهائية وعدم الإعتماد الكلي على الأنظمة الآلية.
٦-التعاون الدولي وتشجيع التعاون بين الدول والمؤسسات لتطوير معايير مشتركة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء.
٧-ضمان جودة البيانات والتأكد من ان البيانات المستخدمة في تدريب هذه الانظمة دقيقة وخالية من التحيزات.
٨- تقييم تأثير الخوارزميات واجراء تقييم شامل لتأثير أنظمة الذكاء الاصطناعي قبل نشرها.
وختاما يبقى السؤال الأخير والمهم، هل يمكن للروبوت الذكي ان يصلح ما يفسده الانسان بتحيّزه و جبروته وأنانيته؟؟..

الكاتبة: المحامية الدكتورة رنا الجمل.
أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان في لبنان.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal