ميقاتي يطرح تصورا للحل.. ويضغط بقوة لحل الخلاف العقاري حول القموعة.. نجلة حمود

تتواصل المساعي التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خلال لجنة الصلح التي كلفها منذ عامين بحل النزاع العقاري بين بلدتي فنيدق وعكار العتيقة على ترسيم خراج البلدتَين في منطقة القموعة، في تذليل بعض العقبات من أمام الفريقين المتنازعين، حيث خاضت اللجنة التي يرأسها اللواء محمد مصطفى وتضم عددا من المحامين والقضاة والطبوغرافيين، والمهندسين العقاريين، ولجان من الجيش، كما أنها على تنسيق تام مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الرئيس سهيل عبود والقاضي العقاري في الشمال ماري تيراز المقوم، مفاوضات شاقة استمرت عشر ساعات في السراي الحكومي في محاولة لتقريب وجهات النظر.

وفي التفاصيل، أن اللجنة الحكومية قامت بالاجتماع بكلا الطرفين على حدة، بحضور لجنة الصلح في عكار والتي ضمت الشيخ أبو زيدان، الشيخ مالك جديدة، الأستاذ محمد المراد، الشيخ زياد عدرا، حيث التقت أولا لجنة المتابعة من بلدة عكار العتيقة وتم شرح المذكرة المقدمة من قبل البلدية والتي تتضمن كل المستندات والأدلة القانونية وأعطت تصورا للأمر، كما عادت وإجتمعت بلجنة متابعة بلدة فنيدق وقامت أيضا بالرد على مذكرة البلدية وشرح كل المعطيات. عقبها طلبت من كل طرف التوقيع على التصور الذي تقدمت به، فعمدت لجنة عكار العتيقة الى الموافقة على التصور الحكومي وبادرت بالتوقيع كحسن نية وتقديرا لجهود اللجنة الحكومية المضنية، أما لجنة فنيدق رفضت التوقيع وطالبت بتعديلات على الخرائط وتعديل الطرح المقدم بما يتناسب مع هواجس أهالي المنطقة، وهو ما أدى الى أخذ ورد إستمر لساعات قبل أن يصار الى طرح تصور جديد ولكن ما لبث أن رفضه فاعليات عكار العتيقة.

وفي المعطيات التي حصلت عليها “سفير الشمال” من لجنة عكار العتيقة أن الطرح المعدل مجاف للواقع ولا يمكن القبول به على الاطلاق، إذ تم إعطاؤنا ما هو حق لنا وأرض ممسوحة لعكار العتيقة، وهذا ما أكدته اللجنة الحكومية لكلا الطرفين خلال اللقاء معتبرة أن عددا من العقارات والتي تم إطلاق عليها “المثلث”، هي حكما لعكار العتيقة وقد حصلت “سفير الشمال” على الافادة العقارية التي تؤكد الرأي القانوني بذلك، أما المناطق المتنازع عليها فتقريبا بقيت على حالها وهو ما لا نقبل به، مؤكدين أن الطرح المقدم هو نفسه الطرح الذي قدمه النائب السابق وجيه البعريني في تسعينات القرن الماضي! مؤكدين أننا بهذه الحالة نفضل البقاء على ما نحن عليه وإنتظار الحل القضائي الذي سينصفنا بكل تأكيد.

في المقابل وبعد أخذ ورد من قبل أعضاء لجنة فنيدق، أيقنت اللجنة الحكومية أن الأمور لا يمكن حلها بهذا الشكل، إذ طلبت لجنة المتابعة في بلدة فنيدق عدم التوقيع والعودة للتشاور في ما بينهم. مع الاشارة الى أن المفاوضات كانت تتم على وقع التهديدات بالويل والثبور التي أعلنها شبان فنيدق الذين خاضوا حربا ضروسا فيما بينهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أربك اللجنة وأحرجها أمام رئاسة الحكومة، فضلا عن الفيديوهات المتداولة لمسلحين من المنطقة قاموا بإطلاق التهديدات وإعتبار أن رئيس بلدية فنيدق يمثل نفسه فقط، مؤكدين عدم القبول بأي تسوية.

أمام الواقع القائم إنتهت الجولة الثالثة من المفاوضات على أمل إستكمالها لحين إيجاد حل مرضي، خصوصا أن الطرفين يملكون نية للحل بهدف حقن الدماء بين أبناء المنطقة الواحدة، فضلا عن رغبتهم وحاجتهم للعيش بسلام والاستثمار في المنطقة الأجمل على مستوى البحر البيض المتوسط، فهل تثمر اللقاءات المقبلة حلولا كفيلة بإنهاء الخلاف العائد للعام 1959، خصوصا بعد أن لمس كلا الفريقين مدى صدق اللجنة الوزارية وعملها الجاد وذلك بخلاف الهواجس التي كانوا يحملونها لجهة اتهامها بالانحياز.

وتجدر الاشارة الى أن الخلاف العقاري على ترسيم خراج البلدتَين يعود الى العام 1959 ، ولم تنجح الأحكام القضائية التي لم تُنفذ في إنهائه، إذ يتمسك أبناء عكار العتيقة بملكيتهم للأراضي بموجب سندات منذ عام 1911، فيما يؤكد أبناء فنيدق أن “القموعة خط أحمر” وأن الحدود مرسومة طبيعياً. ولم تنجح وساطات الفاعليات السياسية والدينية ونواب تيار المستقبل في الوصول إلى نتيجة مقبولة من الجانبين. ورغم الشكاوى المتكررة لفاعليات عكار العتيقة لدى الرئيس سعد الحريري ومناشدته التوسط للحل، حيث تمكنوا قبل انتخابات عام 2018 من انتزاع وعد منه بحل الخلاف، إلا أن رئيس الحكومة آنذاك اعتمد سياسة غضّ النظر والتسويف حتى سُفكت الدماء، وأدّت قبل عامين إلى مقتل الشاب رامي البعريني من فنيدق والشاب غازي ميتا من عكار العتيقة، وعلى أثر الحادثة تم توقيف شخصين من عكار العتيقة لا يزالان يخضعان للمحاكمة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal