ماذا لو لم ينتخب مجلس النواب الحالي رئيسا للجمهورية؟!.. غسان ريفي

خطير جدا ما قاله نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب عن خشيته من “ألا ينتخب مجلس النواب الحالي رئيسا للجمهورية”، وهو العالم بخفايا الأمور، والخارج من لقاء مع الرئيس نبيه بري بكل ما يمتلك من صفات على مستوى إدارته اللعبة السياسية في لبنان.

كلام بو صعب يضع كل الكتل النيابية أمام مسؤولية وطنية كبرى، في مرحلة ربما بدأت تُرسم فيها منطقة الشرق الأوسط من جديد، ليس بالضرورة بالخطوط الجغرافية بل في مواقع النفوذ الذي سيتحكم بمستقبل المنطقة لاحقا.

ولعل الأخطر من كلام بو صعب، هو ما نقله وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار عن مسؤولين فرنسيين بأن “من رسم الحدود بين دول المنطقة قادر على تغييرها لاحقا”.

بإختصار، هناك تعطيل مقصود للاستحقاق الرئاسي تتحمل مسؤوليته القوى المسيحية وخصوصا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، كون هذه الانتخابات تؤسس لإعادة إنتظام الحياة السياسية والادارية في لبنان، حيث يصعب الحديث عن وطن أو دولة في ظل غياب رئيس للجمهورية والمؤسسات الناظمة والمسؤولة عن إدارته، وتعطل دور المصارف، وضعف القانون وغياب القضاء وتراجع دور القوى الأمنية وكأن المطلوب شطب لبنان عن الخارطة تحت عنوان تتداوله بعض قوى المعارضة وهو أن ترميم البلاد أكثر كلفة من تفكيكها وإعادة بنائها وفقا لموازين القوى التي تتشكل في المنطقة.

وفي ظل هذا الانهيار المتعدد الأوجه، تتعرض حكومة تصريف الأعمال لسلسلة من الاتهامات والاستهدافات في محاولة لتعطيل عملها ومنعها من القيام بأي إنجاز، وضرب جهودها الرامية الى الحفاظ على البلد منذ ما قبل الفراغ الرئاسي، حيث لا تتوانى بعض التيارات السياسية عن إنتقاد سعيها لمعالجة هموم ومعاناة المواطنين ولضمان إستمرارية المرافق العامة، وعن توجيه السهام اليها في حال تقصيرها عن القيام بأي من الواجبات، فضلا عن تعاطي البعض الآخر معها على القطعة بحسب المصالح والمكاسب السياسية والشخصية.

وربما يتناسى هؤلاء عن قصد أو عن غير قصد أن سقف عمل حكومة تصريف الأعمال لا يتعدى الشهر أو الشهرين لأقصى الحدود تملأ فيهما الفراغ قبل ولادة الحكومة الجديدة وفقا للآليات الدستورية، وإن إستمرار الفراغ المرجح للتمدد يحتم عليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه القضايا الوطنية المختلفة وتنظيم الحياة العامة، فكيف يمكن إدارة بلد ينهار وإنصاف موظفي القطاع العام والخاص فيه وتأمين مستلزمات المرضى من إستشفاء وادوية ومتابعة كل الشؤون والشجون من دون وجود إطار تنفيذي مسؤول يتمثل بالحكومة؟، وكيف يمكن لها أن تعمل ضمن النطاق الضيق في ظل هذا الكم من الأزمات وفي مقدمها الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وملف النازحين السوريين الذي حققت فيه الحكومة خطوات متقدمة جدا لم ترق لبعض التيارات التي تقدم مصالحها على المصلحة الوطنية العليا؟.

ليس الوقت لإعادة النظر بالقوانين التي تنظم عمل حكومة تصريف الأعمال، وهذا بالطبع صعب المنال، لكن يبدو واضحا أن لبنان يقف على مفترق طرق وبالتالي فإن على كل صاحب حسّ وطني حقيقي يشعر بالمسؤولية أن يلتف حول هذه الحكومة علّ وعسى أن تنجح في مساعيها بأن تعبر بالبلاد الى برّ الأمان.

اليوم، يشهد مجلس النواب جلسة عامة لمناقشة ملف النزوح، بعد هبة المليار يورو التي تفنن البعض في استهدافها وإطلاق الاتهامات ضد الحكومة في محاولة للنيل منها وتصفية الحسابات مع رئيسها نجيب ميقاتي الذي نجح في إعادة الحرارة الى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان.

ولا شك في أن هذه الجلسة ستشكل مفصلا حقيقيا وربما تاريخيا في مستقبل البلاد، فاذا ترفعت الكتل النيابية عن مصالحها وقاربت الملف بشكل موضوعي ووطني فإنها ستضعه على سكة الحل، أما اذا استمرت في إعتماد المزايدات والشعبوية والتحريض، فإن الأمر سيزداد تعقيدا وقد ينسحب ذلك على ملفات أخرى لا سيما إستحقاق رئاسة الجمهورية المكبل بأجندات ونكد سياسي، ما سيجعل الخطر يتضاعف لدرجة أننا قد نسأل عن لبنان في مرحلة لاحقة ولا نجده.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal