ما يزال غياب السفير السعودي في لبنان وليد البخاري عن زيارة رئيس تيار المرده سليمان فرنجية في بنشعي يوم الأربعاء في 17 نيسان الجاري، يخضع للأخذ والرد والتحليلات والتأويلات التي تحاول كل جهة أن تجيّرها لمصلحتها أو التعاطي معها وفقا لأمنياتها.
الفريق المعارض لترشيح فرنجية، وبالرغم من مرور عشرة أيام على الزيارة، ما يزال يعمل على إستخدام غياب البخاري عنها من أجل إستهداف رئيس المرده والتأكيد على أن السعودية حسمت قرارها لجهة رفض ترشيحه، وأن الوعكة الصحية التي إعتذر البخاري بسببها عن المشاركة في الزيارة ليست سوى تبرير مؤقت الى أن يحين أوان إعلان القرار السعودي.
وما لفت الأنظار، هو أن البخاري الذي غاب في ذاك اليوم عن زيارة فرنجية ظهرا ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل بعد الظهر، عاد في اليوم التالي وشارك مع السفراء في زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما أعطى معارضي فرنجية سببا إضافيا للإنقضاض عليه، ودعوة مؤيدي ترشيحه الى التفتيش عن مرشح آخر، في حين لم يصدر عن السفير البخاري أي موقف من هذا النوع، وهو كان إعتذر من السفراء عن عدم القيام بالزيارتين المخصصتين ليوم الأربعاء، بسبب توعكه، وقد تعاطى فرنجية مع هذا الاعتذار بكثير من الايجابية، قائلا من منبر بكركي التي زارها في اليوم التالي: “إن بيتنا مفتوح للجميع وبالأخص للمملكة العربية السعودية”.
تشير المعلومات الى أن زيارة البخاري مع السفراء الى باسيل لم تكن موجهة ضد فرنجية، خصوصا أنه لا يوجد أي رابط أو إرتباط بينهما، بل هي تتعلق بالانفتاح السعودي على المكونات المسيحية كافة، ما دفع مصادر الى التساؤل عما إذا كانت رسالة الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع؟.
وتتذكر هذه المصادر، أنه مع بدء التقارب السعودي الايراني، زار البخاري جعجع في معراب وطلب منه التخفيف من المواقف التصعيدية في وجه الشركاء في الوطن، والابتعاد عن التوترات قدر الامكان، لأن السعودية تريد التفتيش عن القواسم المشتركة مع إيران والتي تساهم في تصفير المشاكل في المنطقة وفي لبنان، وكان ردّ جعجع آنذاك بمزيد من التصعيد، خصوصا في الكلمة النارية التي ألقاها في زحلة لمناسبة ذكرى شهداء القوات وأنهاها بعبارة “على بعبدا ما بتفوتوا”.
وترى المصادر نفسها أن سلوك جعجع أزعج المملكة وترجم بمقاطعة السفير البخاري لإفطاره الرمضاني في العام الفائت مع مفتييّ الطائفة السنية وأكثرية نوابها، وقد تكرر الأمر نفسه وظهرت المقاطعة في رمضان هذا العام، وتلا ذلك تصعيد غير مسبوق لجعجع في ملفات عدة، إستعاد مع نوابه وكوادره من خلالها مصطلحات الحرب الأهلية، ولم يوفر الجيش اللبناني والقوى الأمنية من التشكيك بتحقيقاتهم وبياناتهم.
وتقول معلومات لـ”سفير الشمال” أن جهات معينة تعمل منذ فترة على فتح قنوات إتصال بين باسيل والمسؤولين السعوديين عبر السفير البخاري، وتبذل جهدا كبيرا من اجل توسيع هذه القنوات، على أن يكون تطور الأمور مرهونا بالسلوك السياسي لباسيل الذي تعاطى بعد زيارة السفراء بإيجابية مع تكتل الاعتدال الوطني، وأكد إستعداده للركون الى الديمقراطية والاختيار بين عدة مرشحين في إنتخابات رئيس الجمهورية، كما دعا الى التخلي عن الشكليات في موضوع الحوار وذلك في إشارة إيجابية للرئيس نبيه بري، وفي رد واضح على رفض القوات اللبنانية لترؤسه الحوار.
وفي هذا الاطار تقول مصادر مواكبة: إن بوادر الانفتاح السعودي على باسيل قد تشكل رسالة واضحة الى جعجع، مفادها: “أنك لست وحدك في الساحة المسيحية، وأن المملكة تستطيع الانفتاح على كل المكونات الأخرى والتعامل والتعاون معها بإيجابية، ب