أعطى التهديد الذي أطلقه عضو حكومة الحرب الاسرائيلية بني غانتس، بقوله أن “الحدود الشمالية هي ساحة التحدي الأكبر ونقترب من نقطة الحسم في لبنان”. صورة جديدة عن التخبط الاسرائيلي الناتج عن غرق الجيش الصهيوني في مستنقعات غزة، وعجزه حتى الآن عن إجتياح رفح، وعدم تحقيقه أي هدف من أهداف الحرب، وحاجته المستجدة الى الحماية الدائمة من حلفائه لا سيما أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للتصدي الى أصغر هجوم إيراني، إستدعى أكبر إستنفار للدفاعات الجوية والقبة الحديدية، أما رده على أصفهان فيكاد لا يُذكر، وقد تم إستهدافه من الاعلام الاسرائيلي والغربي بوصفه بأنه “الرد المسخرة”.
يأتي تهديد بني غانتس، بعد تحذير دولي بأن إسرائيل قد تشن حربا خاطفة على لبنان الهدف منها فرض شروط جديدة، أو واقع سياسي جديد، بما يعني بالمنطق العسكري ـ السياسي تقليم أظافر حزب الله، وهذا ما ينتظره بعض الداخل اللبناني للاستفادة منه في الاستحقاق الرئاسي الذي يواجه شتى أنواع التعطيل، ما يجعل الحديث عن رهان البعض على متغيرات لبنانية أو تبدل مناخات إقليمية ـ دولية أمرا حقيقيا.
تشير مصادر مطلعة الى أن تهديد بني غانتس هو فقط للاستهلاك، ولاستمالة الشارع الاسرائيلي الغاضب من الاخفاقات المتلاحقة للحكومة الاسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو الذي يواجه تظاهرات في تل أبيب تدعو لإسقاطه وإجراء إنتخابات جديدة، وهي مرشحة للتصعيد يوما بعد يوم، خصوصا أن وجود الجيش الاسرائيلي في غزة، والايحاء باستعداده لإجتياح رفح لم يعد يشفع له أو يؤمن الحماية التي ينشدها داخل الكيان.
وترى هذه المصادر، أن إسرائيل تقاتل في منطقة كانت بالأصل محاصرة، ولا تضاريس ولا جبال ولا وديان فيها، ولا يمتلك المقاومون فيها قدرات عسكرية كبرى، ورغم ذلك، لم يستطع تقديم أي إنجاز لجمهور الكيان لا على مستوى القضاء على حماس، ولا على مستوى وقف العمليات العسكرية وإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، ولا حتى بتحرير الأسرى الذين وعد بإطلاق سراحهم بالقوة، الأمر الذي دفع الكثير من المحللين داخل الكيان الى دعوة الحكومة الى “وقف الحرب والاعتراف بهزيمة إسرائيل”، لا سيما بعد الضربة الايرانية التي حملت الذعر الى كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والانصياع الكامل للقرار الأميركي الذي لا يريد الحرب مع إيران، ولا في المنطقة.
لا شك في أن حديث بني غانتس عن الحسم مع لبنان يثير السخرية وأكثر من علامة إستفهام، حيث يؤكد الخبراء أن الكيان الاسرائيلي الذي كان يشكل قاعدة متقدمة للغرب لا يمكن لأحد أن ينال منها أو أن يواجهها، تحولت عبئا على الحلفاء، وباتت بحاجة الى حماية دائمة على المستويين العسكري والسياسي، وبالتالي فإن هذا الكيان عاجز عن الدخول في حرب جديدة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي لولا الدعم المالي الاميركي لكان الوضع أمام مشهد آخر، أقله الحرب الأهلية التي قد تنتج عن الخوف والشعور بالعجز وتعطل كل المصالح الحيوية معطوفة على الخلافات السياسية الإنقسامات العمودية.
يمكن القول، إن الرد العملي على تصريحات غانتس، يُختصر بصورة المستوطنات الشمالية في فلسطين المحتلة والتي تم تفريغها من المستوطنين ولم يعد فيها أي مظهر من مظاهر الحياة بفعل جبة الاسناد الجنوبية، وبالتالي فإن أي حماقة إسرائيلية ضمن إطار تهديد غانتس، فإن ما يمتلكه حزب الله من قدرات عسكرية من مسيرات وصواريخ قادرة على الوصول الى أهدافها بدقائق قليلة، سيجعل كل فلسطين المحتلة كحال منطقة الشمال.
Related Posts