حربٌ من نوع آخر على المقاومة.. وإسرائيل تفتش عن إنتصار إعلامي!.. غسان ريفي

توحي إسرائيل وأميركا ومن لفّ لفّهما بأن المفاوضات الجارية مع حركة المقاومة الاسلامية “حماس” قد شارفت على نهايتها السعيدة، بعد الاتفاق على كل البنود الخلافية بما في ذلك الهدنة المؤقتة التي من المفترض أن تبصر النور مطلع شهر رمضان المبارك.

هذا الايحاء الخبيث يهدف الى إحراج “حماس” وإظهارها في حال رفضها بأنها هي المسؤولة عن عرقلة الوصول الى الإتفاق.

في حين أن المقاومة الفلسطينية وفق المعلومات، وافقت على بنود عدة من الأوراق المطروحة كما إنتزعت من إسرائيل كثيرا من التنازلات، بإستثناء شرط واحد ما يزال عالقا وهو الوقف النهائي والشامل لإطلاق النار وهو أحد أبرز وأهم شروط “حماس” والذي تتمسك به الى أبعد الحدود.

ما تخشاه حماس في هذا الاطار، هو أن أي هدنة مؤقتة قد يتبعها إستئناف للعدوان على غزة، لذلك، فإنها تحرص على عدم التخلي عن ورقة الأسرى الاسرائيليين بكاملها كونها لا تأمن الجانب الاسرائيلي وكذلك الأميركي، وبالتالي فإنها تحرص على إنهاء هذه الحرب بشكل كامل.

لا شك في أن إنهاء هذه الحرب يعني إنتهاء رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو سياسيا، كونه في اليوم التالي ستتفرغ له المعارضة لإسقاطه وتحويله الى المحاكمة بتهم الفساد التي كان يواجهها، وخسارة الحرب على غزة التي لم يحقق فيها أي هدف فعلي، وبالتالي تعريض إسرائيل في طوفان الأقصى وبعده الى أكبر هزيمة في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

وقبل الوصول إلى إقرار الهدنة أو الوقف الشامل لإطلاق النار، يبدو أن حربا جديدة بدأت تخاض على “حماس” هدفها تشويه صورتها والاساءة الى إنجازها البطولي في عملية طوفان الأقصى، وضرب صمودها الأسطوري في وجه آلة الموت والدمار الاسرائيلية.

لم يكن هذا الأمر مستبعدا، خصوصا أن وقف إطلاق النار مع بداية شهر رمضان في حال حصل، سيضع نتائج الحرب على طاولة البحث لتحديد المنتصر والمهزوم، وبما أن أحدا لن يتمكن من تلميع صورة إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى التي كشفت هشاشة منظومتها الأمنية والعسكرية والاستطلاعية، وبعد الحرب التي خاضتها على غزة التي لم تسفر إلا عن قتل المدنيين وهدم المنازل والمستشفيات والمساجد والكنائس، من دون أن تحقق الأهداف التي أعلنها نتنياهو وعمل عليها جاهدا، وهي القضاء على حماس التي ما تزال على جهوزيتها، وتحرير الأسرى الذين ما يزالون في عهدة المقاومة، وتهجير الفلسطينيين الذين يتشبثون رغم كل المآسي التي حلتن بهم في بأرضهم وهو سيعودون الى شمال القطاع بمجرد وقف إطلاق النار.

لذلك، لم يكن أمام إسرائيل وأميركا والحلف الداعم ووسائل الاعلام التي تدور في فلكهم سوى محاولة تهشيم إنتصار المقاومة، والتخفيف من وهجه، وتحميل حماس مسؤولية ما حصل في غزة من قتل وتدمير وتشريد، وذلك خدمة لأهداف العدو الذي يفتش عن إنتصار سياسي غير متوفر، فلجأ الى الاعلام بهدف الحفاظ على ماء وجهه بإنتصار وهمي ليس له أي أساس.

وبدا واضحا أن الحملة الاعلامية القائمة لا تقتصر على “حماس” فقط، بل تتعداها الى ضرب محور المقاومة وإيجاد شرخ بين ساحاته من خلال الترويج بأن “حماس” ذهبت الى المفاوضات بمفردها من دون أن تقيم وزنا للجبهات التي قامت بمساندتها، ولعل ما قاله غالانت قبل أيام عن أن وقف إطلاق النار في غزة لن يشمل لبنان يصب في هذا الاتجاه ويخدم الحملة الاعلامية التي يؤكد الناشطون فيها أن لبنان سيدفع ثمن مساندته لغزة وأن حماس ستتخلى عنه.

تؤكد المعطيات أن كل التهديدات الاسرائيلية بالذهاب الى حرب شاملة هي دليل واضح عن العجز، لذلك فإن العدو يعمل حاليا على تدمير ممنهج في قرى الجنوب بهدف تأليب الرأي العام على المقاومة والاستعانة بالأميركي لإستخدام الاعلام في إظهار حجم الدمار والخسائر والمبالغة فيه، لكن أمرا أساسيا غاب عن بال هؤلاء أن الجنوبيين سيعودون الى مناطقهم بمجرد وقف إطلاق النار كما فعلوا في العام 2006، خصوصا بعدما أكد السيد حسن نصرالله أن المنازل التي دمرت ستعود أفضل مما كانت!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal