غطى تحرك تكتل “الاعتدال الوطني” الهادف الى كسر الجمود اللاحق بملف رئاسة الجمهورية، على مبادرات اللجنة الخماسية ولقاءات سفرائها في لبنان، حيث بدا واضحا أن خطوات “الاعتدال” تهدف الى سحب لبنان من لائحة الانتظار الاقليمية ـ الدولية، والعمل على لبننة الاستحقاق أو تأمين جهوزيته بالتزامن مع المفاوضات الجارية في أكثر من مكان، والتي قد تمهد لنضوج التسوية المنتظرة في المنطقة.
في غضون ذلك، يبدو أن اللجنة الخماسية في إجازة، حيث غابت عن السمع بعد إجتماع سفرائها في قصر الصنوبر الاسبوع الفائت، والبيان المقتضب الذي كشفت سطوره القليلة الكثير من الخلافات التي عجزت الدول المعنية عن إخفائها، لا سيما فيما يتعلق بالنزاع الأميركي ـ الفرنسي، والذي ترجم بما نقل عن السفيرة ليزا جونسون بأن جان إيف لودريان لا يمثل الخماسية، فضلا عن التنافس الأميركي ـ السعودي على قيادة اللجنة، وإختلاف الرؤى حول الملف الرئاسي بين من يريد أن يجعله ضمن سلة كاملة في المنطقة، وبين من يريد فصله عن العدوان الاسرائيلي على غزة وجنوب لبنان.
إجازة الخلافات التي يبدو أنها فرضت نفسها على اللجنة الخماسية، دفعت كل من الدول المنضوية فيها الى العمل بمفردها وبصمت، بدءا من الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي يعمل على مساريّ التهدئة في الجنوب والرئاسة، مرورا بالفرنسي الذي يستعد لإرسال موفده جان إيف لودريان في رسالة تؤكد رفض باريس التخلي عن دورها في لبنان سواء رئاسيا أو في الجنوب من خلال الورقة التي أرسلتها الى الحكومة اللبنانية وحاولت السفيرة الأميركية التقليل من شأنها، وصولا الى السعودية المتحمسة لاستعادة دورها، ومصر التي تقوم بسلسلة إتصالات، وكذلك قطر التي قد تستأنف إرسال موفديها لاستطلاع آراء الكتل النيابية والتفتيش عن المخارج، وذلك على وقع نتائج الزيارة التي يقوم بها أميرها تميم بن حمد آل ثاني الى قصر الاليزيه للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون.
كل ذلك، يتزامن مع الحراك الايجابي لتكتل “الاعتدال الوطني” الذي تلقى طروحاته تجاوبا كبيرا من قبل الكتل النيابية، علما أن “الاعتدال” ليس بعيدا عن الرئيس نبيه بري، كما أن ما يطرحه ووافق عليه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مشابه تماما لما سبق وطرحه الرئيس بري، ما يؤكد أن رفض مبادرته من قبل الفريقين المسيحيين كانت بسبب “فوبيا” يعاني منها أحدهما تجاه رئيس المجلس، ونكد سياسي يمارسه الآخر منذ ما قبل إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون.
واللافت، أن نتائج الحوار أو النقاش أو التشاور التي يفترض أن تجري في مجلس النواب من دون رئيس للجلسات، للتوافق على صيغة أو أكثر تفضي الى إنهاء الفراغ الرئاسي، من المفترض أن توضع في عهدة الرئيس بري الذي على أساسها سيدعو الى الجلسات المتتالية للانتخاب كونه الممر الالزامي لها، وهو حق دستوري لا يمكن لرئيس المجلس أن يتخلى عنه.
تنصح مصادر سياسية مواكبة بعدم الافراط في التفاؤل حيال ما قد ينتج من التلاقي النيابي في مجلس النواب، لكنها لا تستبعد إمكانية أن تفضي المفاوضات الجارية في المنطقة الى تهيئة ظروف معينة في لبنان يمكن من خلالها تهريب الاستحقاق وإنتخاب الرئيس، خصوصا بعدما أعلن السيد حسن نصرالله عن فصل ملف الجنوب عن ملف الرئاسة، وعدم إتجاه حزب الله لاستثمار نتائج الميدان فيه، لكن ذلك لا يعني التضحية برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بل يمكن التوافق على ترشيح سلة من الأسماء قد يكون “البيك” من ضمنها، وليفز من يفوز بالوصول الى قصر بعبدا.
Related Posts