أكثر من إشارة إيجابية برزت أمس تركت إنطباعات أنّ إتفاقاً مبدئياً لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزّة، بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الإحتلال الإسرائيلي، قد تمّ التوصل إليه، بعد مساعٍ بذلها وسطاء أبرزهم الولايات المتحدة ومصر وقطر، بين الطرفين، ينتظر أن تشهد الأيّام أو السّاعات المقبلة تطبيقاً له، إلّا إذا حصلت مفاجأة ما في اللحظات الأخيرة أطاحت به، ونسفت أجواء التفاؤل الحذرة التي سادت منذ مساء أمس.
أجواء التفاؤل هذه إنتشرت بعدما كشف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة القطرية الدوحة مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، أنّه ” تسلمنا ردّ حركة حماس على مبادرة إنهاء الحرب، وهو يتضمن ملاحظات على إطار الإتفاق، وهو في مجمله ردّ إيجابي ويدعو للتفاؤل”، رافضاً الخوض في التفاصيل الآن “لحساسية المرحلة”، على حدّ قوله، في حين كان نظيره الاميركي أكثر حذراً، عندما قال إنّه “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به، لكننا ما زلنا نعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن وضروري بالفعل”، موضحاً أنّه سيبحث رد حركة حماس مع المسؤولين في دولة الكيان عندما يزورها اليوم.
ومع أنّ مسؤولين في دولة الكيان رأوا، قبل أيّام، أنّ “الإتفاق مع حماس وحده الذي قد يضمن إطلاق سراح الأسرى”، فإنّ أوساطاً إسرائيلية مقرّبة من رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، الذي يعارض بشدّة إنهاء الحرب قبل تحقيقها الأهداف التي رسمها لها ولم يتحقق أيّ شيء منها، برغم مرور 124 يوماً على بدء العدوان، إستبقوا زيارة بلينكن وأكّدوا أنّه “لن نقبل بأيّ شرط بشأن وقف الحرب”، مضيفين أنّ حركة حماس “وضعت شروطاً مستحيلة وإجابتها سلبيّة”.
ردّ حماس الذي تشاورت بشأنه مسبقاً مع فصائل المقاومة، يتضمن شروطاً أبرزها، وفق ما تسرّب منه حتى الآن، “وقف إطلاق النار الشّامل والتام، وإنهاء العدوان على شعبنا، وبما يضمن الإغاثة والإيواء والإعمار ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإنجاز عملية تبادل للأسرى”.
هل يعني ذلك أنّ صوت السياسة والديبلوماسية إنتصر أخيراً على صوت الحرب في قطاع غزّة؟ الأمر يحتاج إلى انتظار السّاعات والأيّام القليلة المقبلة لتأكيد ذلك من عدمه. غير أنّه في حال نجحت المساعي وتمّ التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، فإنّ أسئلة كثيرة ستطرح، أبرزها ماذا عن اليوم التالي؟
في لبنان، فإنّ توقّف العدوان على غزّة يعني تلقائياً ومنطقياً توقّف المواجهات في الجنوب، نظراً للترابط بين الجبهتين، كما أنّه سيفتح الباب سريعاً لبدء نقاش جدّي حول تسوية لأزمة الفراغ الرئاسي، وهو نقاش سيأخذ لا محالة نتائج الحرب في الحسبان. ولعلّه يكفي في هذا الإطار متابعة تصريحات بعض القوى والشّخصيات السياسية المعارضة كي يلمس المتابعون قلق هؤلاء من أن يُترجم إتفاق وقف الحرب على غزّة في لبنان، ولمصلحة فريق سياسي بدأ مسبقاً إعلان انتصار محور المقاومة في مواجهة العدوان عليه.
Related Posts