الفوضى الأمنية تجتاح عكار … ودار الافتاء يطلق مبادرة!!.. نجلة حمود

يكاد لا يمر يوم في محافظة عكار، من دون عمليات تشبيح وقتل وسرقة، فيما قطع الطرق والاشتباكات المسلحة العنيفة وفتح جبهات بين البلدات من دون مبرّر صار “خبزاً يومياً” للأهالي، مع بروز ظواهر جديدة مثل فرض الخوات والسلب بقوة السلاح وسط غياب تام للقوى الأمنية. 

منذ أشهر، وأبناء عكار مستاؤون مما آلت اليه أوضاعهم، فالأمور لم تعد تقتصر على الواقع  الاقتصادي والمعيشي البائس، بل تعداه الى الاخلال بالأمن وإفتقار المواطنين للشعور بالأمان وهو ما يحول طرق عكار الرئيسة الى مدينة أشباح  حتى قبل ساعات المغيب.

وقد بات واضحا أن ما تشهده عكار من أعمال تسليح واطلاق نار نتيجة طبيعية للفوضى الخلاقة، التي طالت مؤخرا القوى الأمنية نفسها التي لم تبادر للدفاع عن نفسها بحجة عدم وجود قرار بذلك. فتم الاعتداء عليها وتكسير السيارات والآليات التابعة لها عقب توقيف أحد المطلوبين من قبل الشرطة القضائية في حلبا، وتخلل العملية إطلاق نار على المطلوب فعمد المقربون منه الى فتح جبهة حقيقية أمام سراي حلبا التي تضم مختلف المؤسسات الرسمية والأمنية، فأرعبوا البلدة والبلدات المحيطة وهددوا حياة المواطنين الآمنين في منازلهم والذين فوجئوا بالرصاص المتطاير في كل اتجاه.

فأين هيبة القوى الأمنية؟ ومن يحمي المواطنين إذا كانت القوى الأمنية بحاجة لمن يحميها؟ وأي أمل للمواطنين الشرفاء؟ وكيف يمكن تبرير ما حصل؟ والى متى ستبقى الأمور سائبة؟

في محافظة عكار، الكل مستقيل من مهامه، وما زال البعض يتساءل عن سبب الاشكالات المسلحة على أفضلية مرور، وعن سبب تزايد العنف، وعن سبب الهستيريا التي تصيب المواطنين وبالأخص العقلاء منهم!

ويبدو واضحا أن عكار لا زالت تعاني من الفوضى المتنقلة التي أعقبت ثورة 17 تشرين، يوم إستسلمت المحافظة لمن يدعون أنهم “ثوار” فعاثوا فيها الفوضى والخراب وإمتهنوا قطع الطرق على المارة وطلاب الجامعات، فضلا عن التشبيح وفرض الخوات الأمر الذي خنق أصحاب المؤسسات التجارية ومحلات الصيرفة.

هذا الواقع، أدى الى إضعاف الاستثمار في منطقة حلبا مركز المحافظة، وبدل أن تتحول حلبا الى مدينة تعج بالحياة والمؤسسات تحولت الى مدينة أشباح ينفر منها الجميع بسبب كثرة الاشكالات.

ومع غياب فاعليات عكار السياسية والحزبية عن التحرك أو أقله عن إستنكار ما يجري، بادر مفتى عكار الشيخ زيد بكار زكريا للانتقال الى الخطوة الثانية وهي إطلاق مبادرة للحل من دار الافتاء التي تحولت الى محجة للمواطنين للاعراب عن إستيائهم مما يجري. وبالرغم من أن المفتي زكريا عمد منذ اللحظات الأولى لوقوع الاشكال الى محاولة درء الفتنة ونجحت مساعيه في فتح الطرق وإزالة السواتر التي جرى وضعها أمام السراي، ولكن مع وجود 22 مطلوبا (17 منهم مطلوبين وفقا لمذكرات إحضار)، ومع تعطل آليات القوى الأمنية بسبب أعمال التكسير والتخريب التي تمت، كان لا بد من متابعة الموضوع لايجاد حل جذري.

وللغاية عقد المفتي زكريا إجتماعات متتالية على مدار يومين، الأول، إجتماع طارئ لفاعليات بلدات ساحل ووسط القيطع وذلك لتطويق الاشكالات الأمنية المتكررة في المنطقة وتحديدا طريق عام برج العرب، برقايل، العبدة، ما يتسبب بقطع الطريق العام أو أوتوستراد عكار الدولي، حيث تستخدم مختلف أنواع الأسلحة ما تسبب بوقوع جرحى، وآخر الاشكالات ما حصل بين شبان من بلدة فنيدق وشبان من بلدة برج العرب.

كما دعا زكريا يوم أمس الى إجتماع أمني بحضور محافظ عكار عماد اللبكي، قائد منطقة لبنان الشمالي الإقليمية العميد مصطفى بدران على رأس وفد كبير من الضباط وممثلي مختلف الجهزة الأمنية المتواجدة في السراي، وبحضور رئيس بلدية حلبا السابق سعيد الحلبي.

وعقب نقاش عميق وتأكيد على أن ما جرى مدان ومستنكر، شدد العميد بدران على عدم التعدي على الآخرين وعلى ممتلكات الدولة والمواطنين.

من جهته أكد المفتي زكريا على دور المؤسسات الأمنية وكذلك دور المؤسسات الروحية من خلال خطب المساجد وعظات الكنائس في استتباب الأمن وزرع الطمأنينة وتوعية الناس، وشدد على ضرورة محاسبة المعتدين والمخلين بالأمن ضمن ميزان العدل والقانون والقضاء، ورفض كل اشكال الاعتداء على الآخرين.

مبادرة زكريا أتت عقب لقاء جمعه بالنائب أسعد درغام الذي زار دار الافتاء في حلبا قبل أيام، لمطالبة المفتي زكريا بضبط الأمور وتحسين واقع مركز المحافظة، مؤكدا أن دار الافتاء تجمع كل الأطياف العكارية، لذلك نعول على دورها في تقريب الأمور ومعالجتها بالكلمة الحسنة، واضعا كل إمكاناته بتصرف دار الافتاء بهدف ضبط الأمور وعودة حلبا منارة لكل عكار، ومبديا إستياءه للحال الذي بلغته المنطقة من الفوضى وتراجع الخدمات.

كما أكد درغام أن واجبنا إعطاء صورة جيدة عن عكار والعمل على تطويرها وإعادة الأمن والأمان اليها.

 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal