المشهد السياسي.. سقوط القلعة اولى تداعيات طوفان الاقصى وحرب غزة!.. بقلم: العميد مُنذِر الايوبي

ارض شبه مستطيلة صبغت احمر نجيع، اهلها يتامى لُطُم وارامل ثكالى، من لدن مناضلين عذبوا وصلبوا على جدران معتقلات غزة، بئر السبع، عسقلان، كفار يونا، كتسيعوت وعوفر..الخ من عشرات..! 

الحقيقة ولدت معهم لا داع لبحث فمقابر الاباء والامهات شواهد..! اشداء، لا طبول لديهم ولا فرق موسيقية، بنادقهم والياسين قوس جهاد فوهات لامعة وهج نار لا من مفعول منظفات سلاح تزيل صدأ..!

كتبت براعم الطفولة ما تمتمت أذن الارض، سحقت الألم بالدمع الوافر فيما انفاق غزة تَمُور رقعة شطرنج والبيادق كتائب 4 “هبوكيم، هراشون، باراك، غدعون والاستطلاع” تناور مضعضعة، لا تصد نارآ والصخب دبيب..

لئن جزم المؤرخون ان لعبة الشطرنج اختراع هندي من القرن السادس ق.م؛ فالقلعة Castle او الرَّخ Rook (نسبة الى الطائر الاسطوري) من القطع الرئيسية، امتيازها حركية سلسة بين المربعات عموديآ وافقيآ، التضحية بها او سقوطها قد يعتبر محاولة لكسر هجوم الخصم او للخروج من حالة الرَدب او الجمود Deadlock..!

شهران ونيف تقريبآ ليسقط الرَّخ “لواء جولاني” نخبة ألوية مشاة جيش العدو السبعة خروج من المعركة مهما كابروا وبرروا، انسحاب إثر انهاك مع حجم تحييد عديد وتدمير عتاد ..!

‏Golani Brigade اولى تبعات هزيمة الميدان في حرب غزة، خسائره بحجم كتيبة من اصل ثلاث من دبابات ميركافا-4 والاصابات بالغة في صفوف كتيبتي المظليين والمدفعية. اما الكتيبة 51 المنقولة بتصرفه من لواء “غيفاتي” فقد قتل وجرح من جنودها عدد كبير اضافة الى 77 من ضباط وجنود قيادة اللواء على ما اعلن ..!

في السياق؛ منذ بدء القوات الاسرائيلية الاجتياح البري للقطاع ناهز القتلى رقم الخمسمائة والجرحى الالاف، اتقن مقاتلي حماس الحرب بين ركام مبانٍ اندرست، الاشتباكات ضارية على محاور التوغل “الشجاعية، شرق مدينة غزة” أنموذج..! نالت المقاومة من عزيمة جند العدوان زرعت قناعة شك ثم يأس، ما افرز انهيار معنويات عجز انكار وضعف ..

في موجز قواعد الحرب والقتال يعتبر الانسحاب التكتيكي للقوى المهاجمة Tactical Withdrawa اجراء دفاعي تراجعي؛ لجأ اليه رئيس هيئة الاركان العامة الجنرال آفيف كوخافي بعد ان تحولت الفرقة 36 الى وحدات غير منظمة، حال تخبط جعل عناصرها اهدافآ سهلة داخل آلياتهم المدرعة..! معطيات لم تعد سرآ، كشفت تلقي اكثر من ألفي جندي مساعدة هيئة الطب النفسي منذ عملية طوفان الاقصى. اذ تبين ان 80% من العناصر صنفوا مصابين باضطرابات الاكتئاب والقلق مع اختلالات جسيمة في التفكير والسلوك ما انعكس قصور أداء في ساحة المعركة..

دون كثير اجتهاد، الميدان منطق واقع دليل محسوس حتم انسحابآ شارف تقهقرآ صنو اندحار وان بمقدار، اقرار غير مباشر بفشل في تحقيق اهداف ما اعلن وكرر رئيس حكومة العدو، بالتالي هزيمة مضاعفة تلت اختراق 7 اكتوبر..!

كما المخادعة بهتان، اعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري مبررآ عملية الانسحاب “ان سحب قوات النخب بالجيش الإسرائيلي من القطاع قبيل الإعلان رسميا عن بدء المرحلة الثالثة من الحرب بهدف إعادة الانتشار على خط الشريط الأمني مع الإبقاء على قوات مجهزة للتدخل في منطقة خان يونس”..

توازيآ، حدد ال Cabinet “المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية” بنود المرحلة الثالثة من الحرب وفق التالي: تقليص عدد وحدات المشاة المشاركة في القتال وطوق كتائب المدرعات حول القطاع، تشكيل منطقة عازلة مع استمرار وتيرة الهجمات المركزة.. في حين نفى نتنياهو تكهنات أشيعت عن انهاء العملية البرية خلال اسابيع مؤكدآ استمرارها في ظل خلافات حاده حول رؤيةً المرحلة القادمة وضرورة تواضع الاهداف؛ ما دفع وزراء «حوسين لإسرائيل» حزب رئيس هيئة الاركان السابق وعضو الكنيست بني غانتس الى التغيب عن اجتماعات مجلس الحرب الموسع وتهديد الاخير بالاستقالة..!

في ظل تفكك اخلاقي وخلو من انسانية Dehumanization يواصل العدو لليوم 87 ارتكاب جرائم الابادة الجماعية بحق فلسطينيي غزة والضفة دون حاجة لذرائع، التوصيف الواقعي للسلطتين السياسية والعسكرية الاسرائيلية افتقار الى قدرات عقلية وادراكية توازن بين الاسباب والنتائج كما الظروف الموضوعية والمتغيرات.. الكاتب حاييم ليفينسون في مقالة نشرت بصحيفة “هآرتس” سخر من إطلاق عباقرة النخبة في الجيش الإسرائيلي اسم “عملية السيوف الحديدية” تصديآ وردآ على طوفان الاقصى قائلا إن “هذه العملية في واقع أمرها “عملية سقوط السراويل”،.!

ما يختصر واقع حال الكيان الصهيوني مشهد مزدوج رفض جنود مصابين في معارك غزة زيارة نتنياهو لهم في مستشفى “هداسا”، واحتفال ضباط وجنود لواء غولاني إثر انسحابهم من محاور القتال.. في الحالتين دلع مستعار من حمق استرخاء وكثرة كرب، تكريس قريب لواقع الهزيمة..! ثم ان ذئب الغَضَّا بالدم المسفوك سيكون مشدودآ الى ظلام القبر بين نارين رصاصة من جنوده او اخرى من مسدسه..

الكاتب: العميد منذر الأيوبي

عميد متقاعد ، كاتب وباحث.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal