أبواب الحلّ السّياسي مُغلقة وأبواب الأزمات على مصراعيها… عبدالكافي الصمد

منذ أكثر من سنة ونصف تقريباً أوصدت أبواب الحلول السّياسية في لبنان بمعظمها، إلى حدّ وصلت فيه الأمور أنّ الجمود السّياسي بات القاعدة وأنّ الإنفراج بات إستثناءً غير متاح ومفقود، في أعقاب أزمة إقتصادية ومالية غير مسبوقة، وانهيار على كلّ الصّعد بدأ مع إندلاع شرارة حَرَاك 17 تشرين الأوّل 2019.

أولى هذه الأزمات بدأت في أعقاب الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار العام 2022، عندما جرى تكليف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتأليف حكومة ما بعد إجراء الإنتخابات، في 23 حزيران من العام نفسه، ولكن الإنقسام السّياسي أدّى إلى تعذر تأليف ميقاتي الحكومة منذ ذلك الحين، واستمرارها في تصريف الأعمال، وسط إنطباع أنّ عمر حكومة تصريف الأعمال لن يكون قصيراً في ظلّ الفراغ الرئاسي.

الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى كان الأزمة التالية التي نتج عنها كلّ الأزمات اللاحقة. ففي 31 تشرين الأوّل من العام 2022، أي قبل عام وشهر وبضعة أيّام، غادر الرئيس السّابق للجمهورية ميشال عون قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته من غير أن يُسلّم مفاتيح القصر إلى خلفه، بسبب الإنقسام الداخلي وعدم التوافق الخارجي على انتخاب الرئيس العتيد، وما يزال الفراغ مستمراً.

رقعة الفراغ إتسعت تدريجياً. في 2 آذار من العام الجاري إنتهت ولاية المدير العام السّابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من دون أن تتمكن الحكومة من التمديد له أو تعيين خلف له، فتم تكليف اللواء إلياس البيسري إدارة المنصب بالوكالة. الأمر ذاته إنسحب على مصرف لبنان المركزي بعدما انتهت ولاية حاكمه رياض سلامة في 31 تموز الماضي، فتم تكليف نائبه الأول وسيم منصوري القيام بمهامه بالوكالة.

عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وغياب التوافق بين مكونات الحكومة وأهل السّلطة لم تقف عند هذا الحدّ. في 10 كانون الثاني المقبل، بعد شهر وبضعة أيّام، تنتهي ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون، وحتى السّاعة يبدو أنّ الفراغ سيصل إلى رأس المؤسسّة العسكرية، من غير أن يتضح من سيكون على رأسها بعد ذلك. وفي 5 شباط المقبل تنتهي ولاية النائب العام الإستئنافي القاضي غسان عويدات وسط سجال عن من سيخلفه، والمصير نفسه يبدو أنّه ينتظر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي تنتهي ولايته في أيّار المقبل.

كلّ ذلك يحصل في وقت ما تزال جبهة الجنوب مع العدو الإسرائيلي مشتعلة منذ نحو شهرين، غداة عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة في 7 تشرين الأوّل الماضي، وسط مخاوف من مخاطر إتساعها، ومخاوف مماثلة من أن يؤدّي الشلل الحكومي والإنقسام السّياسي إلى انفلات أمني داخلي واسع.

وتزداد المخاوف أكثر بعد تصريحات مسؤوليين في المنطقة والعالم عن تحضيرات لعقد مؤتمر دولي يُعنى بإيجاد صيغ تسوية لأزمات المنطقة، وهو مؤتمر سيكون لبنان الغائب الرئيسي عنه ـ في حال انعقاده ـ والأخطر أنّ صيغ التسوية التي ستطرح فيه قد تأتي على حسابه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal