طرابلس تنتصر على محاولات تغييبها عن دورها المقاوم!.. غسان ريفي

أمّا وقد شيعت طرابلس شهداءها من أبنائها وضيوفها، وأكدت أنها ماضية وبثبات على طريق القدس، مهما حاول البعض تشويه صورتها بهدف تغييب دورها المقاوم الذي تستمده من إيمانها المطلق بالقضية الفلسطينية، فإن ما شهدته المدينة منذ إستشهاد ابنائها في الجنوب اللبناني بغارة إسرائيلية غاشمة، يشير بوضوح الى جهات تسعى جاهدة الى إبقاء طرابلس ضمن إطار طائفي مذهبي ضيق بعيدا عن قضاء العروبة المقاوم.

محاولات كثيرة جرت لعدم إقامة جنازة تليق بشهداء طرابلس الأبطال الذين إستشهدوا على طريق القدس، خصوصا في ظل التحضيرات التي كانت جارية لتنظيم جنازة منضبطة بمشاركة رسمية ودينية وشعبية واسعة تقدم أبهى صورة عن طرابلس التي لطالما قدمت وما تزال تقدم دمها دفاعا عن القدس والأقصى الشريف.

لم يمض ساعات على إستشهاد أبناء طرابلس حتى بثت الجهات المتضررة من تلك الشهادة شائعات مفادها أن الشهداء الأربعة مع القيادي في حماس سقطوا بصاروخ موجه من حزب الله، الأمر الذي قوبل بكثير من الاستهجان والاستنكار ولم تنفع هذه الشائعة في تعكير أجواء الشهادة التي خيمت على الفيحاء.

ثم حاولت تلك الجهات اللعب على وتر تسليم الجثامين محاولة الإيحاء بأن الدولة اللبنانية لا تريد تسليمها الى عوائلهم لأسباب تتعلق بالإرهاب وذلك بهدف إثارة غزائز الشارع وتوتير المدينة ومنع إقامة جنازة ضخمة، قبل أن يتبين ان التأخير بالتسليم مرده الى وضع الجثامين المتفحمة والمقطعة، ولمعارضة عائلة أحد الشبان الأتراك دفنه في طرابلس ومطالبتها بالجثمان قبل أن تقبل بذلك ويتم تسليم الجثامين بصورة طبيعية.

عندما لم تنجح خطة تأليب الرأي العام الطرابلسي على الدولة، حاولت تلك الجهات تقديم مسرحية بسيناريو سيء وإخراج أسوأ، تمثل بوضع صورة للرئيس نجيب ميقاتي ومن ثم إنزالها ومحاولة إحراقها بعد أقل من ساعة على رفعها ظنا أن ذلك قد يؤدي الى فتنة تحول دون إجتماع المدينة في جنازة الشهداء، لكن تلك الخطة باءت بالفشل بعد تعاطي فريق الرئيس ميقاتي بكثير من الحكمة، خصوصا أن تعليق الصورة جاء بشكل مفاجئ وإنزالها جاء سريعا ما كشف النوايا المبيتة من القيام بهذا العمل.

وعندما فشلت كل هذه المحاولات لجأت الجهات المتضررة الى الخطة الأسهل وهي إطلاق النار عشوائيا في كل شوارع طرابلس تحت عنوان الغضب والحزن على إستشهاد شباب طرابلس على أيدي الآلة الحربية الاسرائيلية، حيث شهدت المدينة فلتانا غير مسبوق بإطلاق الرصاص بهدف تخويف المواطنين من المشاركة في التشييع لإضعافه ومنع أن تكون هذه الشهادة مصدر فخر وإعتزاز لأبناء طرابلس.

واللافت أن كلفة الرصاص الذي أطلق على مدار ثلاثة أيام قد تجاوزت عشرات آلاف الدولارات إذا لم يكن المئات في الوقت الذي يشكو فيه المواطنون من البطالة والفقر، ما يؤكد أن تلك الجهات عملت على تزويد المسلحين بالرصاص لتنفيذ مخطط التوتير، بالرغم من الدعوات التي أطلقتها كل التيارات السياسية والاسلامية لعدم إطلاق الرصاص وتوجيهه الى العدو الاسرائيلي الذي يعتدي على لبنان.

هذا المشهد الهمجي والفوضوي دفع المعنيين بالشهداء الى تقليص برنامج الجنازة ونقل الصلاة على الجثامين الى جامع التقوى لقربه من مدافن التبانة، لكن رغم كل التخويف والعراقيل ومحاولات الإفشال، فقد كان المأتم مهيبا والجنازة على قدر الاستشهاد، حيث شارك فيها الآلاف من أبناء المدينة الذي أكدوا على خيار التصدي للعدو الاسرائيلي الغاشم والتأكيد على أن طرابلس لم تضيع يوما طريق القدس، وذلك تحت وابل من إطلاق الرصاص الذي ذهب أدراج الرياح بعدما فقد دوره ولم ينجح في آداء وظيفته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal