يستمرّ التصعيد على الجبهة اللبنانية الجنوبية، مع تبادل الضربات بين حزب الله والجيش الاسرائيلي على الحدود، حيث طبع المشهدَ أمس، إسقاطُ مسيّرة إسرائيلية قتالية متعدّدة المهام بصاروخ أرض جو أعلن “حزب الله” إطلاقه .
وتقول مصادر مطلعة لـ”الديار” إنه لا مصلحة لحزب الله بتحويل المعركة من معركة فلسطينية-اسرائيلية ، بعد ان عاد الرأي العام الدولي يتحدث عن اقامة مبدأ الدولتين، اي اقامة الدولة الفلسطينية، الى معركة لبنانية – اسرائيلية تصرف النظر عن الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الذي هو الاساس. اما جيش العدو فليس له مصلحة ايضا بفتح جبهة ضخمة ضد حزب الله من شمال فلسطين المحتلة، وفقا لهذه المصادر، حيث ان العدو يدرك قوة حزب الله الكبيرة سواء على مستوى الصواريخ او مستوى براعة المقاومين في القتال. ثانيا وهي النقطة الاهم، ان حكومة العدو ترى انه لا يجب ان تضطر الى سحب نصف عدد جنودها من معركة غزة من جنوب فلسطين الى شمالها على الحدود اللبنانية، بخاصة ان الجيش الاسرائيلي لم يحقق اي مكسب او انجاز عسكري هام حتى اللحظة، ولذلك المعركة في غزة تحتاج الى كامل عديد الجيش لمحاولة احتلال قطاع غزة برمته.
بدورها، كتبت “الراي الكويتية”: مع كل “تَمَدُّدٍ” لقواعد الاشتباك على الجبهة الجنوبية وتَوَغُّلِ الاستهدافات الاسرائيلية في العمق اللبناني والارتقاءِ الكمي والنوعي في عمليات “حزب الله”، “تهتزّ” اقتناعاتٌ بأنّ الحدودَ المترامية على امتداد أكثر من 100 كيلومتر من شبعا حتى الناقورة، ستبقى محكومةً بضوابط تردع خروجها عن السيطرة والتحاقها بـ “أم المعارك” في غزة.
كذلك، فإن حجم العمليات التي نفّذها الحزب، أمس، على طول الحدود مستهدفاً مواقع عسكرية، وبعضها مستحدَث، والقصف الاسرائيلي والغارات المكثفة التي ألهبت شريط البلدات الحدودية وصولاً إلى النبطية، جَعَلَ أطرافاً سياسية في لبنان تتحرى مجدداً عما إذا كان ثمة سرٌّ ما وراء اندفاعة النار يؤشر إلى قرارٍ بالضغط على زرّ التفجير الكبير مع استمرار العدّ التنازلي لمهلة الأسبوعيْن لاسرائيل لـ “إنجاز مهمتها” في شمال غزة قبل ترْك الضغط الدولي يفعل فعله، إذا صحّ هذا التقدير.
في الوقت نفسه، تعتبر أوساط مطلعة أن إبرازَ كل من اسرائيل و”حزب الله” المزيد من “الأنياب” في المواجهات على مقلبيْ الحدود لن يَخرج عن الحدود المرسومة لاعتباراتٍ ثابتة، تبدأ:
– من قرار إيراني، جرى التعبير عن حيثياته بلسان أكثر من مسؤول وآخِرهم العضو البارز في مجمع تشخيص مصلحة النظام غلام علي حداد عادل، الذي قال “إن إيران رفضتْ المشاركة في حرب غزة لتجنُّب الحرب مع الولايات المتحدة”.
– واستطراداً امتناع “حزب الله” عن أي عمل يكون فيه المبادِر لكسْر الخطوط الحمر واكتفائه بمحاولة ترسيم قواعد الاشتباك على نحو يومي بما ينسجم مع وقائع الميدان وسلوك اسرائيل تجاهه بما في ذلك داخل سورية.
– وصولاً إلى ثبات عدم الرغبة الأميركية في اتساع رقعة الحرب، وحرص واشنطن على ردع “حزب الله” وإيران، سواء بديبلوماسية الأساطيل وحاملات الطائرات أو “الهاتف الأحمر”، وهو ما جَعَلها قبل أيام تشكّل ما يشبه “خلية طوارئ” اندفعت لتواصل على عَجَل مع مسؤولين كبار في بيروت للاستفسار عن أبعاد الخشونة الزائدة من “حزب الله” تجاه اسرائيل غداة مقتل 7 من عناصره بغارة في سورية، وإذا كان ذلك في إطار معاودة تثبيت قواعد الاشتباك أو يعبّر عن نية حربية، وحين أتاه الجواب بأن لا قرار بدخول الحرب تولّت لجْم خياراتٍ اسرائيلية كانت وُضعت على الطاولة وأُبلغت بها واشنطن وانطوتْ على سيناريوهات عدوانية موسّعة.
وكشف مرجع سياسي مسؤول لـ”الجمهورية”، انّ تسارع العمليات العسكرية على الحدود يعزّز المخاوف من اشتداد حدّة المواجهات وانحدار الامور الى حرب واسعة. والسيد حسن نصرالله كان واضحاً عندما قال “راقبوا الميدان”.
وفيما اشار المرجع عينه الى أنّ النية الإسرائيلية بالتصعيد على الجبهة الجنوبية قائمة وواضحة للعيان، والمستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية لا تخفي ذلك، لفتت مصادر ديبلوماسية الى ما نقله ضابط دولي كبير “من أنّ اسرائيل، ولو كانت تظهر نفسها بجهوزية للدخول في حرب ضدّ لبنان، لا نعتقد انّ في مقدورها ذلك، ذلك انّها تسخّر كل إمكاناتها وقدرات جيشها للحرب القائمة في غزة، ومع ذلك ما زالت تجد صعوبة كبرى في حسمها وتحقيق الاهداف التي رسمتها”. الاّ أنّ الضابط نفسه، وعلى الرغم ممّا اعلنه امين عام “حزب الله” في خطابه الاخير بأنّ التصعيد مرتبط بتطورات الميدان العسكري، عبّر عن خشية واضحة “من ان تكون لدى “حزب الله” خطط للتصعيد، يمهّد لها بتكثيف عملياته ضدّ الجيش الاسرائيلي”.
وكان “حزب الله” نفذذ أمس 8 عمليات ضدّ أهداف اسرائيلية عند الحدود، مؤكداً أن قتاله للعدو الإسرائيلي في الجنوب هو تضامن عملي مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
وجدد الحزب، في بيان، تأكيد وقوفه ودعمه المطلق لـ”الشعب الفلسطيني المظلوم والمقاوم بكل الوسائل لوقف العدوان، وحضورنا الجهادي وقتالنا للعدو الصهيوني في جبهة الجنوب واحد من تعبيرات التضامن العملي معه بالقول والفعل الميداني”، معرباً عن ثقته بأن “الشعب الفلسطيني بصبره وآلامه ومعاناته ومقاومته الباسلة سيخرج منتصراً”.
واعتبر الحزب أن “العار بقاء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وكل صاحب ضمير أو قلب حي في هذا العالم متفرجاً على هذه الجرائم المروّعة والمجازر المهولة وجماجم الأطفال المسحوقة وأسرّة المرضى الملقاة في الطرقات والجثث المتحللة بين الأحياء”. ودعا الحزب إلى “أوسع إدانة عالمية وأممية” لاستباحة المرافق الإنسانية في قطاع غزة، خصوصاً المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، إضافة إلى المجازر الجماعية المتنقلة واستهداف المدنيين العزل في الأماكن والمناطق التي ترعاها الأمم المتحدة والمنظات الدولية، مطالباً بـ”عمل حثيث وفوري لوقف إطلاق النار ووضع حدٍّ لطغيان العدو وإرهابه”.
وكانت عمليات الحزب شملت أمس: إسقاط طائرة مسيرة قتالية بصاروخ أرض جو واستهداف مواقع حدب البستان والراهب وبياض بليدا وثكنة راميم ومقر القيادة العسكرية المستحدث في وادي سعسع وتجمعي جنود في حرج شتولا وخلة وردة.