كلما فشل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الهجوم البري على غزة يعوّض ذلك بمجزرة جديدة تستهدف المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، للتغطية والتعمية على حالة العجز التي تسيطر على الجيش الاسرائيلي الذي يضيّع الطريق الى غزة تحت وطأة ضربات المقاومة.
لا شك في أن الفرقة الاسرائيلية المجهزة والمدربة على القتال والمعروفة بقوات غزة والمتمركزة في غلافها، لم تعد موجودة حيث أسفرت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عن إنهيارها بالكامل وسقوط ضباطها وعناصرها بين قتيل وجريح وأسير، بمن فيهم قائد برتبة لواء أسرته قوات القسام.
لذلك، فإن الجيش الرديف الذي يقاتل في غزة اليوم لا يمتلك الخبرات العسكرية والميدانية الكافية التي تخوله التوغل في غزة، ولا يمتلك الرغبة في القتال أو الالتحاق بالجيش.
كما أن الانتظار لاسبوعين متتاليين من دون تحريك ساكن بينما الجنود يحتشدون على تخوم القطاع أدى الى إنهيار المعنويات العسكرية لديهم.
من هنا جاءت المخاوف الاسرائيلية التي ترجمت إرباكا غير مسبوق من الفشل الذريع بالهجوم البري الذي اختلف الكيان على ترجمته وتسميته بين الغزو والعمليات البرية والعمليات المفتوحة المتدحرجة وبين التأكيد على أن ذلك ليس الهجوم البري المنتظر.
ويعود ذلك، الى أن التوافق بين الكيان الغاصب وأميركا ما يزال غير قائم على العملية البرية والتي تراها الولايات المتحدة غير مجدية ومن دون أفق، فضلا عن استمرار الخلاف بين حكومة نتنياهو والجيش والمخاوف من النتائج السلبية التي يمكن أن تنتج عن الغزو الذي ما يزال قاصرا عن تحقيق أي من الطموحات الاسرائيلية التي تتلاشى مع ضربات المقاومين ويستعيض عنها العدو بمزيد من القصف العنيف على المدنيين حيث اضيف إسم جباليا الى أسماء المجازر الاسرائيلية والتي إستهدفت بستة صواريخ زنة كل واحد منها طنا من المتفجرات والمواد الحارقة الممنوعة دوليا ما أوقع أكثر من ٤٠٠ شخصا من المدنيين بين شهيد وجريح على غرار حصيلة مستشفى المعمدان الانجيلي.
ومما زاد الطين بلة هو التمثيلية التي قدمها الاسرائيليون بإخراج ضعيف يدعو الى السخرية ردا على فيديو الأسيرات الذي بثته حماس، لجهة نجاح الجيش مع بداية العملية البرية في إطلاق سراح مجندة كانت قد إختطفت في السابع من أكتوبر، ليتبين بعد ذلك أن إسمها ليس واردا في سجلات حماس وانها ليست من الأسرى وهي لم تكن قد وقعت في الأسر من الأساس، إلا في مخيلة نتنياهو الباحث عبثا عن إنجاز ما يزال بعيد المنال في ظل صمود غزة ومقاومتها وإمتلاكها زمام المبادرة العسكرية.
في الجبهة الشمالية بقي َالتقدم الاسرائيلي محصورا في المناطق المفتوحة وغير المأهولة، وعبر الدبابات والآليات المصفحة والتي لا يجرؤ الجندي الاسرائيلي حتى الآن على النزول منها، ما يؤكد أن التقدم الذي يتغنى به العدو هو لزوم ما لا يلزم طالما أنه لم يرتق لمرحلة الالتحام المباشر بين الجنود الصهاينة والمقاومين الذي يخرجون من الأنفاق الى ساحة المواجهة ويدمرون الآليات ويقتلون من فيها ويعودون الى قواعدهم سالمين.
لا شك في ان ثمة توافقا غربيا بقيادة أميركية ما تزال تعطي الضوء الأخضر لاسرائيل وتطلق يدها في القتل والتدمير بإنتظار العودة من غزة بإنجاز فعلي، غير رائحة الدماء وصور الأشلاء وأعداد الشهداء التي بدأت تسيطر على الرأي العام العالمي وتبدل من مواقفه وقد وصل ذلك الى الكونغرس الأميركي حيث تم إسكات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال إلقائه كلمته، فضلا عن الاستقالات الأممية
شجبا للمجازر والتصريحات العالية السقف تجاه إسرائيل التي لم يعد لديها المزيد من الوقت لكي تضيعه بالتهويل والتهديد من دون فاعلية عسكرية حقيقية على الأرض باستثناء إرتكاب المجازر ما سيدفع الاميركيون الى إجبار الاسرائيليين على التراجع والرضوخ للمفاوضات، خصوصا أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة سواء في اليمن الذي شارك بالمعركة بإطلاق عدد من الصواريخ بإتجاه الاراضي الفلسطينية، فيما الجبهة الجنوبية اللبنانية تزداد حماوة وخطورة خصوصا مع إطلالة السيد حسن نصرالله الذي فعل قبل أن يقول، ولكن ما يقلق إسرائيل وأميركا والغرب كله، هو ماذا سيكون الفعل بعد القول.. ؟
Related Posts