البعض يستغرب بشاعة المجازر الصهيونية في غزة.. المستغرب فعلا هو أن لا ترتكب إسرائيل مثل هذه المجازر، لأن قتل غير اليهود متجذر في عقيدتها التلمودية.
هم شعب الله المختار كما يعتقدون، هم فئة من البشر إصطفاها الله بزعمهم، ومفهوم الاصطفاء، حتى من دون قتل الأطفال والشيوخ والنساء، يؤدي الى بناء شخصية إرهابية بكل ما للكلمة من معنى.
ما تقدم يحتاج الى الكثير من البحث والتمحيص، لإظهار هذا العدو على حقيقته، كيف يفكر؟، كيف يعمل؟، كيف ينظر الى الآخر غير اليهودي؟، ولكي نستوعب ماذا يجري في غزة.
أكثر من خمسين قطعة عسكرية بحرية عملاقة تم حشدها في البحر الأبيض المتوسط، وهذا الحشد لم يحدث منذ أكثر من خمسين سنة، فماذا جرى فعلا حتى يستدعي كل هذا التنافس على خدمة وحماية هذا الكيان الغاصب؟.
الأمر يتجاوز أن إسرائيل هي جيش سُرقت له أرض وأقيم عليها كيان يسمى دولة لتكون قاعدة متقدمة دفاعا عن المصالح الغربية في الشرق الأوسط، الى أننا نعيش في عالم تقوده شركات عابرة للقارات بمعظمها مملوكة من صهاينة سواء وسائل إعلام أو شركات بترول، أو شركات تصنيع السلاح والآليات العسكرية العملاقة، ما يؤكد أن العالم يقاد من حكومة عالمية تتشكل من هؤلاء الصهاينة.
لا شك في أن إسرائيل هي الحلم الصهيوني وهي المبرر الأيديولوجي لهؤلاء (أرض الميعاد) لذلك فإن هذا الكيان ممنوع أن يهتز أو أن يكون في دائرة الخطر وفق فهمهم.
من هنا، فإن العملية البطولية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر، هزت هذا الكيان وطرحت أسئلة وجودية حوله، وهو لم يهتز وحده، بل إهتز العالم الغربي الذي تقوده الصهيونية برمته، وجاء كل هؤلاء للامساك بهذا الكيان ومنعه من الانهيار أوالسقوط، وهذا الغرب مع قيادته يدرك جيدا، أنه كيان مصطنع، قال عنه بن غوريون (أول رئيس وزراء إسرائيل وزعيم أكبر عصابة إرهابية ـ الهاغانا) أن أول هزيمة لإسرائيل هي بداية نهايتها.
بدأت هزائم إسرائيل الفعلية في لبنان بإنسحاب جيشها تحت وطأة ضربات المقاومة الاسلامية، ومن ثم في صمود تموز 2006 والذي أظهر أن القرارين الأميركي والاسرائيلي ليسا قدرا، وبعدها في تصدي غزة وصمودها أعوام 2008 و2014 و2021، وجاءت العملية البطولية في 7 أكتوبر الجاري لتتوج هذا المسار المقاوم في مواجهة الكيان، وكانت بمثابة نقلة نوعية أبرزت للعالم حقيقته، وأنه من دون البروباغندا الاعلامية ومن دون سلاح الجو المجرم، هو “أوهن من بيت العنكبوت”، وقابل للهزيمة، لذلك، فإن الحرب على غزة، تهدف الى ضرب فكرة قابلية هزيمة إسرائيل خوفا من أن تتجذر هذه الفكرة في العقل العربي المطلوب أن يبقى مهزوما ومأزوما وفاقدا للثقة بالنفس.
عملية 7 أكتوبر، أعادت ثقة الشعب العربي من المحيط الى الخليج بقدرته على هزيمة إسرائيل، وهذا ممنوع، ويجب أن يُكسر بنظر الغرب وقيادته الصهيونية والذي لن يقبل أن تتعزز هذه الثقة، لذلك فقد أعطيَ الضوء الأخضر لإسرائيل لإرتكاب المجازر بحق غزة وأهلها وحُشدت الأساطيل لتقول لكل من تسوّل له نفسه الوقوف الى جانب المقاومة الفلسطينية، قد يكون هذا مصيرك ومصير بلدك إن حاولت ذلك، وهذا ما عبّر عنه الرئيس الأميركي جو بايدن بقوله “لا تفعل”.
لذلك، فإن المطلوب اليوم عالميا أن تحقق إسرائيل إنتصارا ناجزا في غزة، وهي ليست وحدها في الميدان، والغرب المتفوق لم يعد نفسه، فالعالم اليوم يتغير والرأي العالمي يتبدل، وربما نكون أمام عالم يولد من جديد، من لا يجيد القتال والدفاع عن نفسه لن يكون له مكانا فيه، وسيكون ملحقا وعلى هامشه، وهذا ما أدركته العديد من الشعوب، وعليه فإن ما يُطلب من إنتصار في غزة لن يكون نزهة، ففي غزة مقاومة حقيقية تستند الى محور إقليمي ودولي يُدرك جيدا أن هزيمة أي حلقة من حلقاته وفي مقدمها غزة تشكل بداية إنكسار يمهد لفرض الاملاءات عليه.
لذلك فإن الاستمرار في إجتياح غزة والامعان في التجذير بأهلها وأطفالها في ظل فشل نتنياهو في تحقيق الانجاز المطلوب، وصمود المقاومة الفلسطينية، وحراك المقاومة الاسلامية في لبنان، سيفتح جبهات جديدة قد تؤدي الى حرب إقليمية من شأنها أن ترسم وجها جديدا للمنطقة.
Related Posts