باسيل يحاول تسويق نفسه كمرشح رئاسي في زمن الحرب!!… غسان ريفي

بعد إنتهاء الجولة التشاورية التي قام بها النائب جبران باسيل على بعض المرجعيات والقيادات السياسية يمكن تسجيل جملة من الملاحظات، أبرزها: 

في الشكل، تبدو الجولة جيدة وقد إختار باسيل القيام بها في الوقت المناسب، وهي لا شك تنم عن ذكاء، خصوصا أن الجميع في لبنان إنشغل بالعدوان الصهيوني البربري على غزة وعلى الجنوب، ولم يعد يعطي أي إهتمام للاستحقاقات الداخلية، فسارع باسيل الى الاستفادة من هذا الركود السياسي لتقديم نفسه بصورة المنفتح “الحريص” على حماية لبنان.

أما في المضمون، فإن جولة باسيل بقيت من دون عنوان، ومن دون جدوى، ومن دون أي تأثير إيجابي، أو حلول للأزمات الكبرى، وبدا واضحا أنها تهدف الى تحقيق مصلحة شخصية، أكثر منها وطنية، خصوصا ان باسيل المعزول سياسيا وجد في هذه الجولة فرصة لإعادة إظهار نفسه كمرجعية سياسية محورية، لكن ذلك إنتهى مع إنتهاء مفاعيلها بالمؤتمر الصحافي الشعبوي الذي عقده أمس في مقر التيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي ولم يقدم فيه جديدا.

الجولة التي قام بها باسيل أكدت أمراً من إثنين، فإما أنه يصرّ على عدم إحترام ذكاء وذاكرة اللبنانيين أو أن مرض الانفصام قد بلغ مرحلة متقدمة جدا لديه.

زار باسيل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وشدد على ضرورة أن تقوم الحكومة بواجباتها في الاهتمام بقضايا المواطنين ومواجهة أزمة النزوح التي تهدد لبنان وجوديا، في الوقت الذي يقاطع فيه باسيل الحكومة ويمنع الوزراء المقربين منه من حضور إجتماعاتها وهو لا يتوانى عن محاولة تعطيل قراراتها بحجة أنها غير دستورية وغير شرعية، كما عمل عن سابق تصور وتصميم على تعطيل نصاب الجلسة الحكومية التي خصصها الرئيس ميقاتي للبحث في أزمة النزوح السوري.

زار باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري وأكد على أهمية الحوار، في الوقت الذي مارس فيه كل أنواع الابتزاز السياسي عندما دعا بري الى حوار الأيام السبعة وصولا الى رفض المشاركة فيه والمساهمة مع المتضررين منه بتعطيله.

أجرى إتصالًا مع السيد حسن نصرالله لكنه في الوقت لم يتخذ موقفا واضحا وصريحا من دعم المقاومة حيث تحدث بالعموميات وبالشعارات وبتقديم التعازي واضعا كعادته “إجر بالبور وإجر بالفلاحة” في الوقت الذي تحتاج فيه المقاومة الى كل أشكال الدعم والاحتضان في ما تبذله دفاعا عن لبنان في وجه الاعتداءات الاسرائيلية والحرص على تجنيبه حربا مفتوحة.

ما طرحه باسيل في جولته لا يختلف عليه أحد، وبالتالي فإن من إلتقاهم لا يحتاج أي منهم الى تذكيره بضرورة التعالي عن الخلافات والتوافق على ضرورة حماية لبنان، خصوصا ان الأكثرية منذ بدء العدوان الاسرائيلي تكاد تتحدث لغة واحدة لجهة دعم الشعب الفلسطيني في إنتزاع حقوقه أو دعم لبنان في حقه بالدفاع عن أرضه أو الحرص على تمتين الوحدة الوطنية، باستثناء قلة من أصحاب الأجندات الخارجية الذين يغطون مواقفهم بشعارات رنانة ويعملون وفق قاعدة عنزة ولو طارت” وهؤلاء الذين يفترض بباسيل محاورتهم لن تشملهم جولته السياسية.

في ظل الظروف الضاغطة والخطر الكبير الآتي من الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على القرى والبلدات الحدودية، ما يحتاجه لبنان هو انتظام الحياة السياسية والادارية بإنتخاب رئيس للجمهورية ينهي الشغور الذي يدخل بعد أيام قليلة عامه الأول، وهذا الأمر الذي تجنب باسيل بحثه في العمق، وإكتفى “بالكليشيه” المعهودة حول ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن يقدم حلولا أو أن يتنازل بعض الشيء من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.

لا شك في أن باسيل ما يزال يرفض إنتخاب رئيس تيار المرده سليمان فرنجية الذي استقبله وإستمع اليه من باب إكرام الضيف ورفع العتب، خصوصا أن فرنجية لا يحتاج الى من يذكره بالثوابت الوطنية أو بالقضايا العربية أو بضرورة دعم المقاومة في لبنان او في فلسطين، كما انه (أي باسيل) يناور مع المعارضة بالوزير السابق جهاد أزعور، ويسعى بكل ما أوتي من جهد لقطع الطريق على قائد الجيش العماد جوزيف عون، ويحرص على عدم ترشيح أحد من تياره أو من المقربين اليه، وقد بدا من جولته المفاجئة في زمن التهديد بالحرب الشاملة انه يحاول تسويق نفسه كمرشح رئاسي منفتح على الجميع، وقد ظهر جليا أن من إلتقاهم لم يعطوا أي أهمية لهذا الأمر، إنطلاقا من رفضهم المسبق والثابت له، ما يجعل جولته السياسية بكامل مندرجاتها “لزوم ما لا يلزم”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal