قوى المعارضة “تساند” العدوان الإسرائيلي على غزة!… عبدالكافي الصمد

منذ فراغ سدّة الرئاسة الأولى في 31 تشرين الأوّل من العام الماضي، أي قبل قرابة سنة تقريباً من اليوم، رفعت قوى المعارضة شعاراً رفضت فيه عقد المجلس النيابي أيّ جلسة تشريعية، وقاطعت هذه الجلسات التي عقدت على قلّتها، إنطلاقاً من موقفها بأنّ المجلس النيابي يُعتبر ـ منذ الفراغ الرئاسي ـ هيئة إنتخابية وليست تشريعية، وبالتالي فإنّ أيّ جلسة تشريعية يعقدها المجلس تعتبر ـ برأيهم ـ غير دستورية.

لكنّ هذا الموقف الذي اعتبرته قوى المعارضة من ثوابتها، برغم أنّه نابع من إجتهاد سياسي ووجهة نظر لها في المقابل ما ينقضها، إنقلبت عليه يوم أمس خلال الجلسة التي دعا إليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من غير أن يرف لها جفن.

فالجلسة التي كانت مخصّصة لانتخاب أميني سرّ وثلاثة مفوّضين وأعضاء اللجان المشتركة، أرادت قوى المعارضة التشويش عليها، واتخاذ موقف سياسي ينسجم مع قناعاتها السياسية وتاريخها وارتباطاتها الخارجية، عندما طلب النائب عن حزب الكتائب نديم الجميل من الرئيس بري أن يأخذ المجلس النيابي “توصية بشأن ما يحصل في قطاع غزّة والجنوب اللبناني”، وأيّده في ذلك رئيس الحزب النائب سامي الجميل، الذي طلب بأن “يصدر عن المجلس النيابي موقف في ظل التوترات الحاصلة”، فكان ردّ الرئيس بري عليهما أنه “نحن اليوم في جلسة نيابية إنتخابية، وإذا كان بدكم جلسة خاصة أنا جاهز”.

لكن قوى المعارضة، المكونة من نوّاب حزبي الكتائب والقوّات اللبنانية ونوّاب التغيير ونواب مستقلين، التي انسحب نوابها من الجلسة من غير أن يفقدها ذلك نصابها، أرادت التأكيد على أنّ أوراق إعتمادها التي قدمتها وتقدمها للخارج ليست مستعدة لكي تتنازل عنها، وبأنّها متمسكة بها، برغم أنّ هذه الأوراق لا تنسجم مع الإنتماء الوطني والقومي ولا مصالح من يمثلون.

فقد أعلنت قوى المعارضة في بيان لها بعد انسحابها من الجلسة رفضها “بشكل مطلق جرّ لبنان إلى حرب سيكون ثمنها غاليًا جدًّا على لبنان (في إشارة إلى إمكانية مشاركة حزب الله ومساندته قوى المقاومة الفلسطينية في الحرب التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزّة)، الّذي بذل غالياً وما يزال في سبيل القضية الفلسطينية”، برغم أنّ غالبية هذه القوى لم تقف يوماً مع القضية الفلسطينية، بل حاربتها وناصبتها العداء، كما أنّها لم تكن على الحياد ـ الذي تدعو إليه حزب الله وحلفائه ـ في الأحداث السورية، بل شاركت مباشرة أو بشكل غير مباشر في الحرب السورية، من غير أن تعترف أنّ تلك المشاركة جرت على لبنان أزمات يدفع ثمنها اليوم.

كما أنّ هذا “الحياد” الذي تدّعيه قوى المعارضة وتطالب به، ترفضه كليّاً مرجعيات أكبر طائفتين في البلاد، فضلاً عن قوى سياسية مختلفة تكاد تشكّل أكثر من 75 بالمئة من مكوّنات الشعب اللبناني.

فمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أعلن بعد لقاء موسّع لنوّاب سنّة في دار الفتوى أنّ “القضية الفلسطينية هي قضية عربية إسلامية وإنسانية جامعة، وأنّنا لسنا على الحياد تجاه حقوق الشعب الفلسطيني أو الجرائم التي ترتكب بحقه والتي وصلت إلى حدّ الإبادةِ الجماعِيَّة في غزة، والإعتداءات المتكرّرة على الأرض اللبنانية”.

بدوره، أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، أنّ “المعركة الحاليّة هي معركة الأمّة، وهي ليست معركة الفلسطينيين فحسب بل معركة الأمة جميعًا، وهي لا تشبه غيرها من المعارك، ولذلك الشهداء فيها لا يشبهون أي شهيد آخر في معركة أخرى”.

بعد هذا الكلام، وبعد الجرائم التي إرتكبتها وترتكبها إسرائيل والتي ارتقت إلى جرائم حرب وإبادة يفترض أن تعاقب عليها أشدّ العقوبات، عن أيّ حياد تتحدث المعارضة، وأيّ توصيات تريد بينما دماء الأبرياء في غزّة وفلسطين ولبنان وسوريا تراق على يد العدو الصهيوني؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal