هل ينسحب المثل الشعبي الشّائع “أيلول طرفه بالشتي مبلول” على الإستحقاق الرئاسي، فيشهد الشهر الفاصل بين فصلي الصيف والخريف إنفراجاً في أزمة الفراغ الرئاسي المستمر منذ 10 أشهر، وينتخب المجلس النيابي رئيساً جديداً للجمهورية؟
مؤشّرات تفاؤل برزت فجأة مطلع الشّهر الجاري، عندما أطلق رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الخميس 31 آب خلال إحياء الذكرى الـ 45 لإخفاء السيد موسى الصدر ورفيقيه، مبادرةً لكسر الجمود في الملف الرئاسي، بعد دعوته رؤساء وممثّلي الكتل النيابية إلى حوار في مجلس النواب خلال أيلول الجاري لـ”مدّة حدّها الأقصى سبعة أيام”، على أن يتم الذهاب بعد ذلك إلى عقد “جلسات متتالية حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية”، على حدّ قوله.
مبادرة برّي جاءت قبل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، الذي خلت كلمة برّي من أيّ إشارة إليه، ما دلّ الى أنّ مهمته إنتهت عملياً، وبأنّ عودته منتصف الشّهر الجاري إلى بيروت للإطلاع على ردود الكتل والنواب على رسالته باتت محل شكّ، بعدما منيت مهمته بالفشل ولو لم يتم الإعلان عن ذلك رسمياً.
ردود الفعل على مبادرة برّي كانت مشجعة، بشكل عام، ويُنتظر في ضوء تبلور المواقف خلال الأيّام القليلة المقبلة أن يدعو رئيس المجلس إلى جلسات الحوار المفتوحة، بعد أن يتأكد بأنّ أغلبية وازنة في مجلس النواب ستحضرها، خصوصاً الكتل والنواب المسيحيين، بعدما لمس ترحيباً كبيراً من الكتل والنواب المسلمين.
الرباعي المسيحي تباينت مواقفه، حتى الآن، بين المؤيّد والمتحفّظ والرّافض. رئيس كتلة تيّار المردة النائب طوني فرنجية رحّب بدعوة برّي، معتبراً إيّاها “دعوة عقلانية ينبغي التجاوب معها، لانّ من شأنها أن تزيل هذا التعثر في المسار الرئاسي”، وهو موقف لاقاه في الترحيب به رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل الذي وصف المبادرة بأنّها “أمراً جيداً وإيجابياً”، معتبراً أنه “إذا كان الأمر كذلك، إن شاء الله يكون لنا رئيس في أيلول”.
تقاطع فرنجية (الإبن) مع باسيل في الترحيب بدعوة برّي الحوارية يعني، في ضوء الحَراك السّياسي الذي شهدته السّاحة اللبنانية مؤخراً، إقتراب باسيل من الإقتناع بانتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وتأمين النصاب الدستوري والغطاء السّياسي له، بعدما صدرت عنه في الآونة الأخيرة مواقف ومؤشرات تدل على توافقه، في هذا الشان، مع حليفه الأبرز وداعم فرنجية الرئيسي حزب الله.
أمّا موقف القوّات اللبنانية فكان متحفّظاً، وتأرجّح بين الرفض والقبول، بانتظار عقد كتلة القوّات النيابية هذا الأسبوع إجتماعاً للرد على دعوة برّي، وهو تحفّظ عبّر عنه عضو الكتلة ملحم رياشي الذي اعتبر أنه “من الممكن أن يؤدي التدخّل الدولي والحوار إلى انتخاب رئيس خلال هذا الشهر، واحتمال نجاح ذلك”، لكنه إستدرك لافتاً إلى أنه من “المهمّ ألّا يكون هناك مبالغة، لأنّه في السّياسة يجب أن نكون واقعيين”.
وإذا كان موقف حزب الكتائب من دعوة برّي هو الرفض، بعدما اعتبرها رئيس الحزب النائب سامي الجميل “مخالفة للدستور”، وبأنّ “المجلس النيابي ليس ملكك. هو ملك الشعب اللبناني”، حسب قوله لبرّي، فإنّ الأنظار توجهت بالمقابل إلى نوّاب التغيير والنوّاب المستقلين، الذين أحدثت دعوة برّي بينهم خلافات وتصدّعات، بين موافق ومتحفظ عليها ورافض لها.
كلّ ذلك سيفضي، إذا جاءت كلمة السرّ من الخارج، أن يشهد أيلول إنتخاب رئيس للبلاد، وإلا فإن أمطاره لن تروي الإستحقاق الرئاسي سواء كانت خفيفة أم غزيرة!
Related Posts