بالرغم من “البروباغندا” السياسية التي يعتمدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في تعاطيه مع إستحقاق رئاسة الجمهورية، من رفضه ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الى التقاطع مع ألد الخصوم على الوزير السابق جهاد أزعور، وصولا الى إستئنافه الحوار مع حزب الله، إلا أن ذلك لا يغطي حقيقة ثابتة وهي أن مرشح باسيل هو جبران باسيل.
قبل إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون بذل باسيل جهودا مضنية مع الرئيس نجيب ميقاتي ومارس كل أنواع التعطيل والضغوط من أجل تشكيل حكومة على قياسه تكون له الكلمة الفصل فيها من خلال الثلث المعطل، ليحافظ على النفوذ الذي كان يتمتع به في عهد عمه، وليستخدم ذلك في معركة رئاسة الجمهورية حيث يكون شريكا أساسيا في الحكم ما يسهّل عليه طرح ترشيح نفسه، لكن صلابة ميقاتي وإصراره على تلبية مطالب باسيل عطلت هذا الطموح ودفعته الى التقوقع مسيحيا ما أدى الى تراكم الأخطاء بحق حليفه حزب الله.
عندما إقترح نواب من التيار الوطني الحر على باسيل ترشيح أحد أركانه لا سيما النائب إبراهيم كنعان أو النائب آلان عون طالما أن الطريق أمام ترشيحه مقفلة، إنتفض ورفض الأمر بشكل قاطع معتبرا أنه مزحة سمجة، لكنه أمام الضغظ النيابي البرتقالي تراجع بالشكل وطلب ممن يرون أن لديهم الفرصة مراجعته، ثم عمل على محاصرة كنعان وعون ومن يتحمس لهما ما أدى الى الانقسام الذي بات معلوما في التيار وترجم تمردا نيابيا في جلسة الانتخابات الأخيرة.
ذهب باسيل بإتجاه القوات اللبنانية في محاولة لإنجاز تفاهم معراب جديد والذي كان جاء بالعماد ميشال عون رئيسا، لكنه وجد الأبواب موصدة، فدخل من نافذة طرح الوزير السابق جهاد أزعور وضرورة التقاطع عليه، ليس بهدف إيصاله بل من أجل قطع الطريق على سليمان فرنجية، لكن الرياح جرت بعكس ما إشتهت السفن الباسيلية، حيث لم ينجح في إيصال أزعور، ولا في قطع الطريق على سليمان فرنجية الذي ثبّت ترشيحه بقاعدة نيابية صلبة قوامها 51 صوتا أصابت في حينها المتقاطعين على أزعور بهستيريا سياسية نتيجة التوازن الذي أفرزته الجلسة الـ12 التي عقدت في 14 حزيران الفائت.
مع تمسك الثنائي الوطني وحلفائه بفرنجية، وطرح إسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح جدي في إجتماع اللجنة الخماسية، بدأ باسيل يضرب أخماس بأسداس، كونه يخشى من وصول قائد الجيش على شعبيته وتياره وصولا الى نوابه وكوادره الذين قد يلتزم عدد لا يستهان به مع القائد في حال إنتخابه.
لذلك وأمام فشل التقاطع وتثبيت ترشيح فرنجية، والطرح الجدي للعماد عون، لم يعد أمام باسيل سوى طلب إستئناف الحوار مع حزب الله الذي يلتزم بعدم نزع يده من حليفه إلا في حال بادر هو الى نزعها.
تشير المعلومات الى أن جلسة يتيمة عقدت بين باسيل والحاج وفيق صفا، ثم كان التواصل هاتفيا، حيث طرح باسيل مطالب بعناوين فضفاضة جدا من اللامركزية الموسعة الى الصندوق الائتماني فمشروع بناء الدولة مقابل قبوله بإنتخاب سليمان فرنجية، ما دفع حزب الله الى الطلب منه تقديم ورقة مكتوبة بالمطالب وبشكل مفصل ليكون التوافق عليها في حال حصل رسميا.
قدم باسيل ثلاث أوراق يعكف حزب الله على دراستها في الوقت الحالي، علما أن حزب الله أبلغ باسيل بأن ما يطلبه لا يمكن تنفيذه بالتوافق فقط بين التيار الوطني الحر وحزب الله بل هو يحتاج الى توافق وطني، لكن لا مانع لدى الحزب في حال إقتنع بتلك المطالب أن يتوافق عليها مع باسيل والسير بها بإنتظار مواقف الأطراف الأخرى.
وتقول المعلومات إن باسيل أدخل مطلبا رابعا على مطالبه وهو تعهد من حزب الله بتبني ترشيحه بعد ست سنوات في حال سار بترشيح فرنجية، علما أن الحزب لا يستطيع إعطاء تعهد من هذا النوع، خصوصا أن بعد ست سنوات لا أحد يعلم ماذا ستكون عليه المنطقة والبلد والتوازنات ضمن المجلس النيابي، وبالتالي فإن أمرا من هذا النوع لا يمكن للحزب أن يتورط به إنطلاقا من الواقعية السياسية التي يتعاطى بها.
وترى مصادر سياسية مطلعة أن ما يريده باسيل هو الوصول الى رئاسة الجمهورية، وهي لا تستبعد أن تكون مطالبته بالتعهد من حزب الله لدعمه بعد ست سنوات مقدمة لانتزاع موقف بأن الحزب لا يعارض وصوله الى الرئاسة، الأمر الذي يمكن أن يستفيد منه لاحقا، في طرح نفسه بديلا عن فرنجية أو منافسا له، خصوصا إذا إستمر الفراغ الى حين إنتهاء ولاية قائد الجيش.
Related Posts