تدخل البلاد إعتبارا من يوم غد الثلاثاء في إجازة شرعية على صعيد الملف الرئاسي، بعدما أعلن المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان أنه سيعود في أيلول لإعطاء الدفع اللازم للتشاور بين الكتل النيابية أو لتفعيل حوارات ثنائية وثلاثية تمهيدا لعقد جلسات نيابية متتالية تنتهي بإنتخاب رئيس للجمهورية.
ويسبق ذلك إستكمال المساعي التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتأمين تسيير المرفق العام في مصرف لبنان بعد إنتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة ليل الاثنين ـ الثلاثاء، حيث من المفترض أن ترسم القرارات التي ستتخذ اليوم ملامح المرحلة المقبلة في المركزي وفي سوق القطع، لا سيما على صعيد منصة صيرفة وتأمين التشريعات اللازمة التي طلبها نواب الحاكم.
في غضون ذلك، يبدو أن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يريد الاستفادة من الوقت الضائع ليلعب على “حبلين”، حبل الحوار مع حزب الله وطرح مقايضة الرئاسة بالحصول على اللامركزية والصندوق الائتماني، وحبل إبتزاز المعارضة التي عادت لتؤكد عدم ثقتها به، ما يشير الى طي صفحة التقاطع بينها وبين باسيل على الوزير السابق جهاد أزعور.
لم يأت طرح باسيل بأي جديد، وإن كان البعض فسره بأنه محاولة منه للنزول عن شجرة المواقف التي صعد إليها منذ بداية الشغور الرئاسي، خصوصا أن “ما يريد باسيل منه شبرا، يريد الثنائي الشيعي منه مترا”، لا سيما في ما يتعلق بتطبيق إتفاق الطائف لجهة اللامركزية الادارية ومجلس الشيوخ والبنود الاصلاحية وقانون الانتخابات وحتى الصندوق الائتماني، لكن ما يرفضه الثنائي ومعه أكثرية اللبنانيين ومن مختلف الطوائف هو الطروحات التي قد تؤدي الى زعزعة وحدة لبنان، أو تلك التي تمهد لفيدرالية مقنعة أو تكرّس أعرافا جديدة، خصوصا أن اللامركزية والصندوق الائتماني هما بالأساس مطلبان وطنيان، وليسا لفئة دون أخرى من اللبنانيين، أو لممارسة شعبوية من خلال طرحهما، حيث يربطهما باسيل بحقوق المسيحيين ويستخدمهما لاستمالة الشارع في وجه المعارضة المسيحية، ما يجعل موقفه عبارة عن “كلام حق يراد به باطل”..
كل ذلك، يدفع البعض الى الاعتقاد بأن باسيل يقوم بمناورة سياسية جديدة، ما يضعه أمام إختبار نوايا، أو وضع مواقفه على آلة “فحص الكذب”، خصوصا أن مرشحه كان وما زال جبران باسيل، وبالتالي فهو لم يُعلن بأنه مستعد لانتخاب سليمان فرنجية مقابل حصوله على مطالبه، بل تحدث عن الرئاسة والاسم، كما أن تعاطيه في الحوار الذي طلب من حزب الله إعادة إحيائه لا يبشر بالخير.
وتطرح مواقف باسيل أسئلة مشروعة لجهة: لماذا لم يقدم طروحاته أقله على صعيد اللامركزية بجدية عندما كان رئيس ظل للجمهورية والآمر الناهي في قصر بعبدا وعلى تحالف وثيق مع حزب الله، ومع القوات اللبنانية وتيار المستقبل بعدما إنطلق عهد الرئيس ميشال عون؟.
وعندما يتحدث باسيل عن الحصول على مطالبه سلفا، فهل هو مستعد للاعتراف بشرعية ودستورية وميثاقية الحكومة التي يفترض بها أن تبحث في اللامركزية والصندوق الائتماني قبل إقرارهما؟، وهل هو مستعد للذهاب الى مجلس النواب للتشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية؟، وألم يكن الأجدى المشاركة في الحكومة لتعيين بديل لرياض سلامة ومنع تمدد الفراغ الى حاكمية مصرف لبنان؟.
كل ذلك، يجدد التأكيد بأن باسيل يتعاطى في الرئاسة والسياسة والحكومة والتشريع وفقا لما تقتضيه مصالحه الشخصية والمكاسب التي يمكن أن يحققها، بعيدا كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا وعن تطلعات اللبنانيين، الأمر الذي يجعل طروحاته غير جدية وفاقدة للثقة، فيما المطلوب لدى الثنائي وتحديدا حزب الله بعد كل الأخطاء التي تراكمت في الفترة الماضية، خطوات عملية ومواقف واضحة ليُبنى على الشيء مقتضاه!..
Related Posts