تلاقى رئيسا مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي على أن “لبنان في خطر”.
الأول عزا السبب الى إستمرار الشغور الرئاسي وأعطى مهلة أخيرة لغاية نهاية العام الحالي، والثاني يتخوف من الفراغ في حاكمية مصرف لبنان وما يمكن أن يعكسه ذلك على سوق القطع، خصوصا بعد اللغط الحاصل بين نواب الحاكم حول الاستقالة وعدم تحمل المسؤولية ما يضاعف من ضبابية المشهد المالي بعد نهاية تموز.
هذا الواقع الخطير، دفع ميقاتي الى دعوة مجلس الوزراء يوم غد الخميس للبحث الجدي في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان واضعا كل التيارات السياسية أمام مسؤولياتها، لا سيما الثنائي المسيحي، خصوصا أن من يتقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، لن يجد صعوبة في التقاطع على مرشح لحاكمية المركزي لانقاذ مصرف لبنان والليرة معا.
يمكن القول، إن ساعة الحقيقة قد دقت، وإن كل تيار سياسي سيكون مسؤولا عن موقفه، خصوصا أن عدم إحداث صدمة إيجابية في مصرف لبنان من شأنه أن يدفع الدولار الى جنون غير مسبوق ومن دون سقف، وبالتالي فإن كل الاجراءات التي إتخذتها الحكومة سواء بالنسبة لرواتب القطاعين العام والخاص أو الاعتمادات المالية لتأمين أبسط المتطلبات ستتلاشى، ما سيضع البلاد أمام إفلاس حقيقي سيؤدي الى فوضى لا يحمد عقباها، كما يبدو أن المجتمع الدولي لا يريد حصول فراغ أو تصريف أعمال في حاكمية مصرف لبنان لقناعته بأن ذلك سيؤدي الى إنهيار حتمي وصولا الى الارتطام الكبير الذي سعى رئيس الحكومة منذ إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون الى عدم الوصول إليه.
لذلك، فإن الرئيس نبيه بري إنطلق من قاعدة أن “الضرورات تبيح المحظورات”، وهو لا يظن أن هناك ضرورة أكثر من حاكمية مصرف لبنان للحفاظ على النقد وإستقرار سعر الصرف، في حين أن الرئيس ميقاتي الذي حمل كرة النار وما يزال يتلقى السهام من مختلف الأطراف، يعتبرنفسه “مؤتمن على البلد وأن هذا الأمر فُرض عليه وطنيا”، وبالتالي هو لن يقبل بعد كل هذا الصمود أن تذهب الأمور الى الدرك الأسفل من الانهيار، لذلك كان القرار بالتوافق بين الرئيسين على ضرورة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان على أن يستكمل كل منهما إتصالاته مع المعنيين لتأمين نصاب جلسة الخميس وعدم حصول إنسحابات منها، فيما سيحاول الرئيس بري إقناع حزب الله بوجهة نظره حول الضرورة التي تفرض التعيين، في حين أن الحزب ما يزال متمسكا بموقفه الرافض.
من جهة ثانية، جاء كلام الرئيس بري بعد لقائه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان حول الايجابيات وفتح كوة في الملف الرئاسي، لينسف كل التحليلات والتنبؤات التي حاولت بعض الأطراف السياسية تعميمها لجهة سقوط المبادرة الفرنسية، وإنتهاء عمل اللجنة الخماسية بعدما نفضت يدها من لبنان، وعن إقتناع الثنائي الشيعي بضرورة التفتيش عن مرشح ثالث، حيث أكد على تمسك الثنائي بترشيح فرنجية وعدم وجود أي مرشح آخر لديه.
لا شك في أن عودة لودريان وكلام بري يؤكدان أن اللجنة الخماسية ما تزال مهتمة الى أبعد الحدود بإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، وأن المبادرة الفرنسية ما تزال تنبض بالحياة، لكن الموت السريري الذي يصيب بعض التيارات السياسية هو من يسعى الى تعطيل كل خطوة إيجابية إنطلاقا من رغبة البعض بعدم إنتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة، الى حين تبدل المناخات الاقليمية التي تحيي فرص وتنعش آمال بعض الطامحين للرئاسة.
وبإنتظار أن يستكمل المبعوث الفرنسي جولاته على المسؤولين المعنيين، تشير المعلومات الى أن الطروحات التي سيقدمها قد تتعلق بضرورة الركون الى الحوار للوصول الى قواسم مشتركة، أو الاحتكام الى عقد جلسات نيابية دستورية متتالية الى حين إنتخاب رئيس كما جاء في بيان اللجنة الخماسية، أو اللجوء الى العقوبات التي سيكون لها إنعكاسا سلبيا على الجميع وستضع لبنان ومسؤوليه في خطر.
Related Posts