يخشى رئيس مجلس النواب نبيه بري من الانحدار نحو مزيد من الفراغ، مستغربا وقوف البعض عند تفسير المادة 64 من الدستور حول تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق من دون تفسيرها أو الغوص في تفاصيلها وكأنهم يتقصدون الذهاب بالبلد الى الهلاك.
يُسأل الرئيس بري من قبل أعضاء مجلس نقابة المحررين عن صحته، ليجيب سريعا ” الصحة منيحة لكن صحة البلد ليست بخير”، وهو يعني ما يقول، في ظل إصرار بعض القوى السياسية على تعطيل البلاد ورفض التشريع في مجلس النواب، والقرارات التي تتخذها الحكومة، ما يقود مؤسسات الدولة نحو الفراغ سواء في حاكمية مصرف لبنان أو في قيادة الجيش، علما أن هذه القوى كانت تشارك في التشريع في مرحلة الشغور الرئاسي ما بين عاميّ 2014 و2016 حيث شرّع المجلس 77 قانونا، ويلفت الرئيس بري الى قانون السيادة والقوانين الحساسة المتعلقة بصندوق النقد الدولي وكلها متوقفة، حيث لم نضع في الجلسة الأخيرة سوى القوانين المتعلقة برواتب الموظفين.
يتمسك الرئيس بري بقاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” المعتمدة أيضا في الشرائع السماوية، معتبرا أن المعنى الضيق لتصريف الأعمال هو الضرورة، متسائلا هل يوجد أمرا ضروريا وملحا أكثر من حاكمية مصرف لبنان أو من قائد الأركان، كاشفا أن قائد الجيش لديه دعوات من أميركا والكويت لكنه لا يستطيع أن يترك البلاد لأنه لا يوجد من يحل مكانه، وبالتالي لا يجوز إبقاء المجلس العسكري من دون رئيس أركان خصوصا أنه لا يشكل موضع خلاف.
لذلك، فإن الرئيس بري مع تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ومع تعيين رئيس الأركان، لافتا الى أن رئيس الحكومة إختار أمرا آخر بأنه لن يعيّن ولن يمدد، لكن ذلك لا يبدل موقفي بالنسبة لمبدأ المعنى الضيق وهو الأمر الخطير والملح والضروري لكنني أحترم خيار رئيس الحكومة، لافتا الى أن عدم التعيين والتمديد سيفرض على النواب الأربعة أن يقوموا بتصريف الأعمال في مصرف لبنان.
وذكّر بري بالدعوات التي أطلقها بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية قبل شهر تموز، معتبرا أن أكثر موقعين يجب أن يكون لرئيس الجمهورية “الماروني” الكلمة فيهما هما حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش.
كما ذكّر بما قاله في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر في العام الفائت لجهة أن يكون للرئيس المقبل حيثية مسيحية وحيثية إسلامية وقبل ذلك حيثية وطنية، وأن يكون رئيسا يجمع، لا يطرح ولا يقسم إنفتاحيا على العرب وعلى الغرب، لافتا الى أن كلامه كان ردا على طروحات الفيدرالية والكونفيدرالية، وقد عبر عنه في مجلس النواب عندما دعا الـ 128 نائبا الى أن يكونوا رجلا واحدا، وكان الرد بطلب الدعوة الى جلسات للانتخاب، فدعونا الى 11 جلسة لكن تشرشحنا وصرنا مسخرة، وكان التصويت يقتصر على الورقة البيضاء وعلى النائب ميشال معوض الذي أقصى ما وصل إليه من دون خصم هو 43 صوتا، وأبلغونا أنه مرشحنا النهائي، وأن عليكم أن تسموا مرشحا، فسمّينا سليمان فرنجية، وقد تبين عكس ذلك، حيث رشحوا الوزير السابق جهاد أزعور الذي برغم إحترامنا له لم يكن مرشحا جديا بقدر ما كان من أجل إسقاط المرشح الآخر.
يبدي الرئيس بري إنزعاجا كبيرا من عدم تلبية دعوته للحوار مرتين، خصوصا أنه لم يسبق أن دعا الى حوار وتم رفضه، لكنه يعتبر اليوم وبعد دخول الفرنسيين على الخط ومجيء لودريان فإن ثمة موافقة على الحوار باستثناء القوات اللبنانية، أما التيار الوطني الحر فهو يتجه الى القبول به.
وأكد بري أن لا حل سوى بالتوافق الذي ينتج حوارا ناجحا يؤدي الى تسوية، وعندها يمكن أن ننتخب الرئيس ونشكل الحكومة في غضون 15 يوما.
يجزم الرئيس بري وبشكل نهائي وحازم بأن لا حوار حول تغيير النظام الذي يهدد وحدة لبنان، فقد عشنا ومتنا حتى أنجزنا الطائف، و”خلينا نقعد عاقلين”، ولنطبق الطائف بشكل جيد ونرى كيف يتغير النظام، مذكّرا بالطرح الذي قدمه على إحدى طاولات الحوار بإنتخاب أول مجلس نيابي على أساس وطني على أن يتزامن ذلك مع مجلس الشيوخ، حيث وافق المشاركون لكن إثنان منهم عادا ورفضا الطرح في الجلسة الثالثة، فقدمته كتلة التنمية والتحرير كمشروع قانون ولا يزال موجودا في المجلس النيابي.
في المقابل يرفض الرئيس بري التدويل، مع كل الاحترام للبطريرك بشارة الراعي، لافتا الى أن التدويل يحتاج الى توافق داخلي كونه يشكل خطرا على البلد، كاشفا عن لقاء للدول الخمس سيعقد يوم الخميس المقبل، ومتحدثا بغصة وحسرة لما وصلت إليه الأمور في الداخل، وقال “أنا المتعصب للحلول والتسويات الداخلية صرت أنتظر مجيئ لودريان”.
يحلف الرئيس بري “بالله العظيم” أنه لا يعلم مضمون تقرير التدقيق الجنائي، لافتا الى أن وزير المالية لا يستطيع نشره أو التصرف به بل يجب إحالته الى مجلس الوزراء للتصرف به.
وشدد بري على ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالقرار 1701، وأن تخرج من الجزء الشمالي من بلدة الغجر ومن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من منطقة B1، لافتا الى أن الخيمتين موجودتين في الأراضي اللبنانية، متهكما على التهديدات الاسرائيلية بالقول “متعودة دايما”، لافتا الى أهمية وجود المقاومة التي تشكل عامل ردع ودرع.
وردا على سؤال حول ماذا يريد الشيعة في النظام للتخلي عن سليمان فرنجية، قال الرئيس بري: “نحن بدنا بالنظام سليمان فرنجية”، مجددا التأكيد على ضرورة الحوار، للوصول الى تسوية، مشددا على أن وصول قائد الجيش الى الرئاسة يحتاج الى تعديل دستوري كونه موضع خلاف.
وختم بري متحدثا عن حادثة القرنة السوداء، فقال: كتر خير الجيش على التدابير السريعة التي إتخذها، والشكر لكل الأطراف التي تحلت بالحكمة والوعي لتجاوز هذه الحادثة.
Related Posts