ما تزال التحقيقات جارية في حادثة القرنة السوداء التي أدت الى مقتل هيثم ومالك طوق، وسط إجتهادات ومعلومات تُسرّب حول التحقيق لخدمة هذه الجهة أو تلك، وإصرار من قيادات بشري على وضع الحادثة بكاملها في خانة “الجريمة النكراء”، مع العلم أن “الجريمة” قد تكون طالت هيثم طوق الذي عثر عليه جثة هامدة بعد تعرضه لاطلاق نار من قبل مجهول، أما مالك طوق فقد قُتل في إشتباك مع الجيش اللبناني الذي تصدى لمجموعة مسلحة من بشري كان يقودها للأخذ بثأر هيثم، بحسب بيان مديرية التوجيه.
بعيدا عن الاجتهادات وعن الاستثمار السياسي والشعبوية وإستغلال الحادثة للحصول على مكاسب عقارية في القرنة على حساب أبناء الضنية، فإن وضعها ضمن إطار الخلاف العقاري بين بشري والضنية، والاتهامات السريعة والمباشرة التي أطلقت، تبقى من دون أدلة، طالما لم ينته التحقيق وتصدر نتائجه للعلن.
وتشير معلومات “سفير الشمال” الى أن التحقيق الجاري بمقتل هيثم طوق تحت إشراف القضاء المختص، يصطدم بسلسلة أخطاء قاتلة تمنع أي كان من تحديد ملابسات الحادثة أو المسافة التي تم إطلاق النار منها، خصوصا أن الجثة نقلت من مكانها الى المستشفى الحكومي في بشري قبل وصول الطبيب الشرعي والأدلة الجنائية، وتم نزع الثياب عنها، وقد بقيت الجثة في المستشفى نحو أربع ساعات ونصف الساعة قبل أن يكشف عليها الطبيب الشرعي الدكتور فاروق السمان.
في حين كان يفترض بالطبيب الشرعي والأدلة الجنائية أن يكشفوا على جثة هيثم في المكان الذي عثر عليها فيه، وأن لا يصار الى تحريكها من أرضها أو نقلها بما يمكّن الطبيب والأدلة من تحديد المكان والمسافة وإتجاه إطلاق النار، إضافة الى الوقت الذي حدثت فيه الوفاة، لكن الأخطاء التي إرتكبت ضيّعت الكثير من المعالم التي من شأنها أن تفيد التحقيق، ما يطرح سلسلة تساؤلات عما حصل في ذاك اليوم، لجهة: لماذا لم يصر الى إبلاغ الجيش والقوى الأمنية فور العثور على جثة هيثم؟، ولماذا لم يستدع الطبيب الشرعي والأدلة الجنائية الى المكان؟، ولماذا تم نقل الجثة منه الى المستشفى قبل حصول ذلك؟ وبواسطة من؟ ولماذا تم نزع ثياب القتيل؟، ولماذا لم تُعرض الثياب على الطبيب الشرعي الذي أبلغ بعدم وجودها أو إتلافها؟، وكيف يمكن تحديد ظروف وملابسات حادثة القتل بشكل واضح طالما أن الجثة نقلت من مكانها وتم العبث بها وربما بمكان وجودها، وعلى ماذا إستندت قيادات بشري في وضع الحادثة في إطار الخلاف العقاري مع الضنية وفي توجيه الاتهامات الى أبناء بقاعصفرين؟.
يؤكد الطبيب الشرعي الدكتور فاروق السمان لـ”سفير الشمال” أن أخطاء عدة إرتكبت في حادثة مقتل هيثم طوق الذي كان يجب أن يبقى في المكان الذي عثر عليه فيه بإنتظار الطبيب الشرعي والأدلة الجنائية القادرين وحدهم على دراسة مسرح الجريمة ووضعية الجثة وتحديد المسافة وإتجاه إطلاق النار ومكان دخول الرصاصة ومكان خروجها، فضلا عن وقت حصول الوفاة بقياس حرارة الجثة ومتابعة يباس أعضائها التي تبدأ من الرقبة نزولا الى سائر المفاصل.
ويشدد الدكتور السمان على أن أحدا لا يستطيع تحديد المسافة التي أطلقت منها الرصاصة المتفجرة بإتجاه هيثم، لافتا الى أن الخطأ الأكبر هو نزع الثياب عن الجثة بطريقة غير صحيحة، ما أخفى الوشم الذي يمكن أن تحدثه الرصاصة لدى دخولها وعلى أساسها يمكن تحديد المسافة التقريبية لإطلاق النار.
كل ذلك، يطرح علامات إستفهام حول الحادثة برمتها، فإذا كان القتيل مالك طوق سقط بمواجهة الجيش وبرصاص أطلق عليه من المروحية العسكرية التي كان يستهدفها بسلاحه الرشاش، فكيف قُتل هيثم إذن؟، ولماذا كان كل هذا العبث بالجثة ومكانها؟، ومن ثم توجيه الاتهامات غير المستندة الى أية أدلة أو وقائع، وكيف يمكن وصول التحقيق الى النتائج المرجوة في ظل كل هذا الغموض الذي تسبب به التعاطي غير المسؤول مع جثة هيثم طوق؟!..
Related Posts