لافتة كانت الجدية التي رافقت الجلسة الثانية عشر لانتخاب رئيس للجمهورية. واكبتها تدابير امنية مشددة في محيط مجلس النواب وشارع المصارف. وللمرة الأولى منذ سنين عديدة، يتنافس مرشحان تحت قبة البرلمان اسمياً من دون ان يحضرا شخصياً. فماذا في التفاصيل؟
في الشكل، انطلقت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت عن روح الوزير السابق الياس سابا، تبعتها محاولة فاشلة لنائب التغيير ملحم
خلف في تقديم مداخلة حول معاناة اللبنانيين، استعرض فيها اعتصامه وزميلته نجاة صليبا داخل المجلس الا انه اصطدم بلا مبالاة الرئيس نبيه بري.
وباستثناء الدردشة الجانبية بين عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله ووزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري والتي بدت مثيرة للاهتمام، سارت العملية الانتحابية بسلاسة الى حين الانتهاء من اعلان نتيجة الفرز حيث كان هناك مغلف فارغ لم يحتسب بادئ ذي بدء، فعلا صوت النائبة بولا يعقوبيان اعتراضاً رغم تجاهل رئيس المجلس لها لاعتباره ان هذا الصوت لن يغير أي شيء في النتيجة.
اما لناحية المضمون، فقد أظهرت نتيجة الاقتراع ان اصطفاف القوات والتيار الوطني الحر والكتائب وسواهم وتقاطعهم على اسم جهاد ازعور، املاً منهم بقطع الطريق على وصول سليمان فرنجيه الى سدة الرئاسة، لم يؤت بالنتيجة المرجوة. وعلى الرغم من حصول جهاد ازعور على أكثرية عددية غالبيتها من النواب المسيحيين، الا ان حصيلة التصويت لزعيم المرده أظهرت تمتعه بالميثاقية اذ جاءت الأصوات التي حصل عليها من نواب ينتمون الى مختلف الطوائف، ما يؤكد انه “مرشح جامع”.
الى ذلك بدا التضعضع واضحاً لدى القوات اللبنانية وتجلى ذلك في تصريحين مختلفين حول دستورية الجلسة من النائبين ستريدا جعجع وجورج عدوان، الذي ولأول مرة منذ دخوله الندوة البرلمانية، يفقد لباقته ويتصرف بعدائية مع الإعلاميين.
توازيا ينتظر الجميع القرار الذي سيتخذه جبران باسيل بحق من لم يلتزم من نواب تكتل لبنان القوي بالتصويت لمرشح التقاطع جهاد ازعور.
على صعيد آخر، وفي ما اتسمت كل تصريحات الفريق المعارض لانتخاب فرنجيه برفض ان يفرض عليهم مرشح لرئاسة الجمهورية، كانت تصريحات نواب الثنائي الشيعي وحلفائهم تصب في خانة الدعوة الى الحوار والتوافق، يدعمها البيان الصادر عن الرئيس بري والذي دعا خلاله الى “الكفّ عن رمي كرة المسؤولية في إطالة أمد الفراغ”. مطالباً بأن “نعترف جميعًا بأنّ الإمعان بهذا السلوك والدوران وانتهاج سياسة الإنكار لن تصل إلى النتيجة.. إلا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار بدون شروط”.
بدوره، واثر انتهاء الجلسة قال رئيس التيار المرده سليمان فرنجيه “كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع نبني عليه للمرحلة المقبلة لإحقاق المصلحة الوطنية”.
في المحصّلة، اسدلت الستارة عن الفصل الثاني عشر من دون التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية. غير ان الجلسة، ومع رمزية تاريخها الذي يأتي غداة الذكرى الـ ٤٥ لمجزرة إهدن، قد كرّست سليمان فرنجيه مرشحاً متحدّراً من ارضية صلبة قوامها حلفاء متماسكون واوفياء في مواجهة مرشح التقاطع المصلحي والآني جهاد ازعور.
وبانتظار ما سينتج عن مروحة الاتصالات التي سيستكملها كل فريق للنجاح في ايصال مرشحه، وما سيرشح عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت في الايام المقبلة، يبقى التمني ان تملأ الجلسة الثالثة عشر شغور قصر بعبدا فيعود الانتظام السياسي الى البلاد والعباد.
Related Posts