الانتخابات التركية… ما بعد 28 ايار ليس كما قبله

يومٌ واحد فقط بات يفصل تركيا عن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ورغم أن المواطنين صوتوا قبل أسبوعين لاختيار اسم الرئيس الثالث عشر وتشكيلة البرلمان، إلا أن الثامن والعشرين من ايار الحالي سيكون “حاسما” ما بين رجب طيب إردوغان وكمال كليتشدار أوغلو.

وإردوغان هو مرشح “تحالف الجمهور” الحاكم، وكليتشدار أوغلو مرشح تحالف “الأمة” المعارض، وهو المشكّل من ستة أحزاب، فيما يحظى بدعم من القاعدة التصويتية لحزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي.

وفي سباق 14 ايار كانت الأنظار الخاصة بالمنافسة تتركز على نحو كبير على تشكيلة كلا التحالفين، والنتائج التي انعكست على انتخابات البرلمان والرئاسة. وبينما تمكن تحالف إردوغان من الحفاظ على أغلبية المقاعد البرلمانية، لم يستطع الرئيس التركي من حصد النسبة اللازمة للفوز بكرسي الرئاسة، والمحددة بـ50+1، وكذلك الأمر بالنسبة لمنافسه كليتشدار أوغلو.

ولذلك قررت “الهيئة العليا للانتخابات” في البلاد إجراء جولة ثانية للانتخابات الرئاسية في 28 مايو، على أن تكون نتائجها نهائية وحاسمة، ومن ثم يعلن في الأول من الشهر المقبل وبشكل رسمي اسم الرئيس الثالث عشر لتركيا.

بماذا تتميز جولة الإعادة؟ في الثامن والعشرين من شهر مايو ستكون الانتخابات سلسلة ومبسطة على نحو أكبر قياسا بسابقتها قبل أسبوعين، حيث سينحصر السباق بين اسمين اثنين فقط.

وسيصوت المواطنون على ورقة اقتراع تضم صورتي إردوغان وكليتشدار أوغلو، بعدما أقصي مرشح “تحالف الأجداد”، سنان أوغان مؤخرا، في وقت انسحب مرشح حزب “البلد”، محرم إينجه.

في غضون ذلك وبحسب ما تشير إليه المعطيات من المتوقع أن تتضح الكفة الراجحة ومآلات السباق بعد رفع الحظر على النتائج من جانب “الهيئة العليا للانتخابات”، وهي أعلى سلطة انتخابية.

وتختلف الجولة المرتقبة عن الأولى من زاوية التحركات التي انعكست خلال الأسبوعين الماضيين على كلا المتنافسين، إلى جانب الحملات التي تغيرت أهدافها على العموم.

من جانب التحالف الحاكم كان إردوغان قد تمكن من استقطاب منافسه السابق، سنان أوغان، ليعلن الأخير دعمه له، وحتى أنه اتجه قبل يومين إلى إطلاق خطاب أقرب لذاك الذي تطلقه الحكومة، في سياقات مختلفة، وخاصة في ملف اللاجئين.

في المقابل وفي حين تصدّرت التشكيلة التي جمعها كليتشدار أوغلو ضمن “الطاولة السداسية” في سباق 14 مايو خفت هذا المسار على نحو كبير لصالح الخطوة التي اتخذها مرشح المعارضة مع زعيم “حزب النصر” المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ.

وفي الجولة الثانية سيقدم أوزداغ الدعم لكليتشدار أوغلو، بعدما اتفقا على بروتوكول من سبعة بنود، في خطوة كانت متوازية مع تلك التي اتبعها أوغان، حليف زعيم “حزب النصر” سابقا ضمن “تحالف الأجداد”.

“قوميون وأكراد” وما يميز الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة هو بروز دور الأصوات القومية، على عكس ما شهدته الجولة الأولى، ونتائجها التي خالفت التوقعات.

وينعكس ما سبق على كل من أوغان وأوزداغ، وهما السياسيان القوميان، اللذان سيلعبان “دورا محوريا” في الثامن والعشرين من مايو المقبل، بحسب مراقبين.

وبعدما تحالف هذان الشخصان في الجولة الأولى أصبحا الآن ضمن طريقين متعاكسين، إذ يدعم أوغان إردوغان وأوزداغ كليتشدار أوغلو. ومن غير الواضح كيف ستكون القسمة الخاصة بالنسبة التصويتية التي حصلا عليه، والتي تجاوزت حاجز الخمسة بالمئة بفارق بسيط.

في المقابل وبينما تتسلط الأضواء على دور الأصوات القومية في حسم سباق 28 مايو يتجه جزء من اهتمام الشارع والسياسيين إلى الأصوات الكردية، وخاصة تلك المتعلقة بقاعدة “حزب الشعوب الديمقراطي” الكردي.

وكان هذا الحزب قد دعم كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى، وجدد هذا المسار يوم الخميس، رغم أنه تحفظ على بنود البروتوكول الذي وقعه الأخير مع أوزداغ.

وقال الزعيم السابق لـ”الشعوب الديمقراطي” والذي يقبع في السجن، صلاح الدين ديميرتاش يوم الجمعة: “لم تعد هناك جولة ثالثة من هذا العمل بعد الآن.

لنجعل السيد كليتشدار أوغلو الرئيس، وندع تركيا تتنفس”. وأضاف ديميرتاش في رسالة عبر “تويتر”: “اذهب إلى صندوق الاقتراع، صوت 1 صوت لنفَس واحد”.

وكانت الطاولة أو “التحالف” الخاص بكليتشدار أوغلو في الجولة الأولى يضم سياسيين وأحزاب بوجهات نظر مختلفة، وفي الوقت الحالي أضيف إلى هذه التشكيلة صوتا قوميا متشددا، صاحبه أوزداغ.

وكما هو الحال بالنسبة للنتائج والمنافسة التي ستبدأ بـ0 – 0، من غير الواضح ما إذا كان مرشح المعارضة سينجح في رهانه، والحملة التي بات يقودها الآن وتستهدف اللاجئين والسوريين بصورة خاصة. ماذا عن الحملات؟ وكما هو الحال بالنسبة للجولة الأولى لم يغير إردوغان كثيرا على الحملة التي أطلقها سابقا، والمعروفة بعنوان “قرن تركيا”.

ومع ذلك حاول اتباع سياسة جديدة بالأرقام، كرد فعل على الحملة التي أطلقها كليتشدار أوغلو، واعدا بطرد السوريين حال وصوله للسلطة، وأن عدد اللاجئين في البلاد يتجاوز عشرة مليون لاجئ. وعلى عكس الرئيس التركي سينافسه كليتشدار أوغلو بحملة جديدة عنوانها “السوريون سيذهبون.. قرر”.

وبات يمضي الآن بشعارات وأهداف تلامس إلى حد كبير مطالب القوميين في البلاد، وتلك التي بنى عليها أوزداغ أجندة انتخابية كاملة، وتتعلق بملف اللاجئين. ويصف كليتشدار أوغلو سباق 28 مايو بـ”الاستفتاء”، بينما يقول إردوغان إن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون “أحد أهم مفارق الطرق، والانتصارات التاريخية”.

كما يرى إردوغان أنه “وفي 28 مايو سنلتقي حول القرن التركي، ونواصل رحلتنا إلى تركيا عظيمة وقوية”.

وفي حين تختلف وعود كلا الطرفين وأهدافهما، إلا أنهما يتفقان على فكرة تحفيز المواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع، مؤكدين في سلسلة خطابات لهم على ضرورة الإدلاء بالتصويت وعدم الجلوس في المنازل.

“28 ايار وما بعده” ولن يكون ما قبل 28 من ايار كما بعده، حسب كتّاب وصحفيين أتراك، وهم الذين تتضارب أفكارهم، كما هو الحال بالنسبة للسياسيين والمتنافسين.

وتحدث الكاتب في صحيفة “صباح”، برهان الدين دوران أن “انتخابات الإعادة توجد بها 3 أمور مجهولة ومهمة في آن واحد”.

ويوضح أن الأمر الأول يتعلق بتأثير انقسام تفضيلات “تحالف الأجداد” على الناخبين، وعماده السابق أوزداغ وأوغان. أما الثاني يتعلق بنوع الرد الذي سيعكسه كليتشدار أوغلو “بناء على حملة قاسية وسلبية من خلال التأرجح في خطاب اليمين المتطرف”.

ويضيف دوران من نقطة ثالثة متساءلا: “إلى أي مدى يمكن لتحالفات الرئيس إردوغان وكليتشدار أوغلو أن تحشد الأصوات”.

“ومما لا شك فيه أن إردوغان حصل على 49.5 في المائة في الجولة الأولى ويدخل الجولة الثانية بميزة تجاوز كليتشدار أوغلو بأكثر من 4 نقاط”.

وهناك ميزة أخرى لإردوغان، حسب الكاتب وهي “فوز تحالفه في البرلمان”، على عكس حالة كليتشدار أوغلو الذي وقع “اتفاق على اتفاق” ما يعزز الشعور “بانعدام الأمن لدى الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم على مضض”، وفق تعبير دوران.

بدوره يعتبر الكاتب فكرت بيلا في موقع “هالك تي في” أن “الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستكون نوع من الاستفتاء، إذ سيختار الناخبون الاستمرار مع إردوغان أم لا”.

كما سيختارون سياستين متضاربتين إلى حد كبير.

وترى الكاتبة زلال كالكانديلين في صحيفة “جمهورييت” أنه “بغض النظر عمن سيفوز، فإن كفاحنا من أجل العلمانية والاستقلال التام واليسار القوي سوف يستمر في التسارع”.

وتعتبر أن الوضع واضح في 28 ايار، بقولها: من الواجب الأساسي لكل مواطن وطني التصويت مرة أخرى لرحيل إردوغان وحماية صناديق الاقتراع”.

(الحرة)


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal