أنظار المسؤولين اللبنانيين، على اختلاف مشاربهم، شاخصة هذه الأيّام نحو العاصمة السّعودية الرياض أكثر من أيّ وقت مضى، إرتقاباً لما ينتظر أن تسفر عنها من نتائج القمّة العربية الثانية والثلاثين التي سوف تعقد بالمملكة العربية السعودية في 19 أيّار الجاري.
ويعود إنتظار القيادات اللبنانية قمّة الرياض ليس لكونها تعقد في دولة مركزية ومحورية في المنطقة وذات تأثير ونفوذ فيها، بل لأنّ المملكة إستبقت إنعقاد القمّة على أرضها لترسل إشارات في أكثر من إتجاه أوحت أنّ قيادتها تريد أن تكون القمّة ناجحة على جميع المستويات، سواء لجهة حرصها على أوسع حضور ممكن للزعماء العرب على أرضها، أو للتغطية الإعلامية الواسعة التي بدأت التحضيرات لها مبكراً، أو من أجل إعطاء أهمية سياسية إستثنائية للقمّة، تسبقها وترافقها وتعقبها.
تطوران بارزان سبقا انعقاد القمة خلال الايام القليلة الماضية، اولهما التقارب السعودي ـ الايراني بعد طول جفاء وعداء ومقاطعة امتدت لسنوات، الامر الذي ترك ارتياحا في مختلف دول المنطقة، وفتح الابواب امام افاق جديدة من التقارب والتعاون كانت مقفلة على كل الصعد.
أمّا التطوّر البارز الثاني فتمثل في استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية، سبقها عودة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وأغلب الدول العربية، ومنها السّعودية التي قطعت علاقاتها معها بعد اندلاع شرارة الأحداث فيها عام 2011، ما يعني أنّ الحضور العربي في القمّة يُرجّح أن يكون كاملاً.
وعليه، فإنّ التطورات الإيجابية المتلاحقة في المنطقة التي سبقت قمّة الرياض ستكون حاضرة فيها بقوة، وهي إيجابيات ينتظر أن تترك بصماتها في القمّة وأن تدفع في اتجاه إتخاذ وتبنّي قرارات يتم فيها معالجة العديد من القضايا والملفات العالقة، سواء على الصعيد السّياسي أو الإقتصادي وسواهما.
هذه الأجواء الإيجابية التي ترخي بظلالها على المنطقة جعل القيادات اللبنانية تتفاءل في مساعدة القمّة العربية بلدهم للخروج من أزماته، وتحديداً في 3 ملفات: إنتخابات رئاسة الجمهورية، الأزمة الإقتصادية والمالية، وعودة النّازحين السّوريين إلى بلدهم.
وتدرك القيادات اللبنانية جيداً أنّ إستحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يأتي في المقدمة، وأنّه إذا ما تم التوافق داخلياً وخارجياً على ملء الفراغ الرئاسي فإنّ بقية الملفات ستبدأ مناقشتها ومعالجتها تباعاً وعلى نحو تدريجي، وهو توافق تبدو جميع الظروف الحالية مؤاتية له في ضوء تقارب الدول المعنية بالملف اللبناني في المنطقة، وهي السّعودية وإيران وسوريا.
وكما اعتاد اللبنانيون في انعكاس أزمات المنطقة على أرضهم، ينتظرون أن ينعكس تقارب وتفاهم الآخرين في معالجة أزماتهم. فهل اقترب أوان الحل؟ أيّام قليلة ويأتي الجواب من قمّة الرياض.
Related Posts