كان لافتا في الافطار الذي أقامه سمير وستريدا جعجع في معراب غروب أول من أمس، غياب السفير السعودي وليد البخاري الذي لطالما كان الضيف الأبرز في إفطارات السنوات الماضية وشكل فيها عامل جذب لكثير من قيادات الطائفة السنية سواء دينيا أو سياسيا لا سيما في العام الفائت قبيل الانتخابات النيابية التي حصدت فيها القوات اللبنانية أكثرية مسيحية.
غياب السفير البخاري لم يعوّضه حضور عدد من السفراء العرب، وحمل الكثير من التحليلات والتأويلات، خصوصا أنه لم يسبق له أن غاب عن هكذا إفطارات للقوات التي تربطها حلف متين مع المملكة منذ العام 2005، حتى بات البعض يعتبر أن سمير جعجع تحول في السنوات الماضية الى رجل السعودية الأول في لبنان.
إنقسمت الآراء حول غياب السفير البخاري، حيث رأى البعض أن عدم حضوره هو أمر طبيعي كونه خارج لبنان ويتابع بعض الملفات مع عدد من اللجان التي تم تشكيلها مؤخرا على خلفية الاتفاق السعودي ـ الايراني، وتلك التي تتعلق بالملف اللبناني ضمن ممثلي الدول الخمس أو الثنائي الفرنسي ـ السعودي.
في حين يرى البعض الآخر، أن هذا التبرير ضعيف جدا ويحاول ذر الرماد في العيون، خصوصا أن السفير البخاري ليس دبلوماسيا عاديا وهو كان يستطيع أن يعود الى لبنان لساعات قليلة لحضور الافطار لا سيما في ظل هذه الظروف ومن ثم يعود لمتابعة عمله.
ويرى أصحاب هذا الرأي، أن غياب السفير البخاري عن الافطار قد يكون شكل رسالة لجعجع بأن ثمة عين حمراء من المملكة تجاهه، نتيجة المواقف التصعيدية التي يتخذها..
ويستند هؤلاء الى ما تم تسريبه عن اللقاء الأخير بين البخاري وجعجع الذي سمع من السفير الحليف أن “المنطقة مقبلة على شكل جديد بفعل الاتفاق السعودي ـ الايراني، وأن لا مصلحة بأن يكون للبنان رئيسا إستفزازيا لمحور الممانعة”، كما لم يسمع جعجع من البخاري موقفا رافضا لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ويعتبر هؤلاء أن لجوء جعجع الى رفع السقف السياسي بشكل غير مسبوق وصولا الى توجيه رسالة الى داعمي فرنجية بأن “على قصر بعبدا ما بتفوتوا” هو تصعيد بوجه السعودية وتمرّد على التهدئة التي تنشدها في كل المنطقة ومن بينها لبنان.
كما لاحظ من يتبنى فرضية الخلاف بين جعجع والبخاري، تسريب معلومات إعلامية بعد اللقاء الساخن مفادها أن المملكة تستعد لتغيير سفيرها في لبنان، علما أنه يلعب أدوارا هامة على أكثر من صعيد وفي أكثر من ملف، وإعتبر هؤلاء أن تقاطعا إعلاميا قواتيا يقف خلف هذه التسريبات ما أدى الى تعميق الهوة بين البخاري ومعراب.
تشير المعلومات الى أن لا فيتو سعوديا على فرنجية حتى الآن، والاعلان الرسمي عن ذلك ينتظر إستكمال صورة المفاوضات الجارية على قدم وساق بين الرياض وطهران مرورا بصنعاء، وأن السعودية وأميركا كانا يدعمان وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية في العام 2016، كما أن السفارة السعودية في لبنان تعاطت مع فرنجية بنفس الروحية في منتدى الطائف عندما إستقبله السفير البخاري بحفاوة وحجز مقعدا له الى جانب الرؤساء.
ويرى متابعون، أن جعجع تعامل مع ترشيح فرنجية في البداية بحنكة وذكاء، عندما قال أنه “في حال نجح الفريق الآخر بجمع 65 صوتا لمرشحه، فإن القوات قد تعطل مرة أو مرتين ثم ستخضع للديمقراطية وتؤمن النصاب من دون أن تنتخب ذاك المرشح”، لكنه فجأة ذهب باتجاه التصعيد الكبير.
ويؤكد هؤلاء أن لدى جعجع خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يعود الى التعاطي الايجابي مع إمكانية تأمين النصاب، أو أن يستمر في التصعيد في وجه الحلول المبنية على اتفاقات الاقليم ما سيؤدي حتما الى فك التحالف مع السعودية، وهذا برأي كثيرين ليس من مصلحة جعجع والقوات على حد سواء..
Related Posts