الإنتخابات البلدية مؤجّلة.. والسّؤال إلى متى؟… عبد الكافي الصمد

يوماً بعد آخر تتزايد الإقتناعات لدى المعنيين والمواطنين على حدّ سواء بأنّ الإنتخابات البلدية والإختيارية، المقرّرة مبدئياً بين شهري نيسان وأيّار المقبلين، على مسافة زمنية لا تبعد أكثر من 3 أشهر، بات إجراؤها متعذّراً، وأنّ احتمال تأجيلها يتقدم بعدما تبين أنّ ثمّة عوائق سياسية ومالية وتقنية تحول دون إجرائها في موعدها المحدد، وأنّ تمديداً إضافياً، ليس معروفاً مدته، بات مرجّحاً، بعد تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية عاماً واحداً العام الماضي.
سياسياً، ليس خافياً أنّ القوى السّياسية الرئيسية في البلاد تفضّل تأجيل إجراء الإنتخابات المحلية إلى موعد آخر، إنْ لأسباب مالية أو تنظيمية، أو لأنّها تفضّل عدم الدخول في استحقاق يدخلها في متاهات الصّراعات والتجاذبات العائلية الضيقة، وتؤدّي في أحيان كثيرة إلى وقوع إشكالات وإنقسامات داخلية تؤثّر على التماسك الهشّ لقواعدها الإنتخابية.
يُضاف إلى ذلك أنّ قانون الإنتخابات البلدية والإختيارية الذي تدرسه اللجان النيابية منذ نحو ثلاث سنوات لم يتم الإنتهاء منه، ومن شأن ذلك وضع السّلطة والقوى السّياسية أمام خيارين: الأوّل إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية وفق القانون القديم الذي جرت على أساسه آخر إنتخابات في عام 2016؛ والثاني الإنتظار حتى إنجاز القانون الجديد ـ إنْ حصل ـ كي تجري الإنتخابات المحلية وفقه، ويبدو أنّ السّلطة والقوى السياسية تفضّل الخيار الثاني.
سياسياً أيضاً، فإنّ تعليق البعض آمالهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال الأيّام المقبلة لإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية ليس في محله. لأنّه حتى لو انتخب الرئيس العتيد، فإنّ تأليف الحكومة المقبلة ونيلها الثقة في مجلس النواب، لكي تشرف على الإنتخابات، سيستغرق وقتاً يزيد على الفترة الزمنية المتبقية حتى موعد إجراء هذه الإنتخابات، وبالتالي فإنّ إرجاءها بات أمراً واقعاً.
أمّا مالياً، فإنّ إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية يحتاج إجراؤها إلى تأمين إعتمادات مالية قدّرها وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي بنحو 9 ملايين دولار، هو مبلغ ليس بمقدور الحكومة تأمينه بل يحتاج إلى إقراره من خلال قانون في مجلس النوّاب، وهو أمر يبدو بدوره متعذراً لسببين: أولاً الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها خزينة الدولة؛ وثانياً أنّ القوى والكتل السّياسية تتجاذب بحدّة حول عقد جلسة تشريعية لإقرار هكذا قانون أو سواه، نظراً لأن كتلاً سياسية تعتبر أن مهمّة المجلس الأساسية في الوقت الحالي هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، باعتباره هيئة ناخبة، وليس إقرار قوانين وتشريعات.
ما سبق يعني أنّ المجالس البلدية التي تبلغ 1112 مجلساً بلدياً، منها 103 مجالس بلدية منحلّة و27 مجلساً بلدياً مستحدثاً، ستستمر عاماً إضافياً آخر في عملها، برغم معاناة البلديات مالياً بسبب تآكل موازاناتها بفعل إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، ما جعلها عاجزة كليّاً عن تنفيذ مشاريع تنموية في مناطقها، والتي هي بالكاد تؤمّن رواتب وأجور موظفيها وعمّالها وعناصر الشّرطة فيها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal