شكل الكتاب الذي وجهه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى وزير الداخلية بسام المولوي للايعاز الى الاجهزة الامنية بعدم تنفيذ اي استنابة قضائية صادرة عن القاضية غادة عون محاولة تهدف الى إبعاد السياسة عن القضاء، والى اغلاق الباب أمام عون التي تراكم المخالفات سواء في تعاطيها الانتقامي في بعض الملفات، او في تنفيذ اجندة سياسية تهدف الى تصفية حسابات في غير مكانها وزمانها (بحسب الاتهامات الموجهة اليها).
بدا واضحا أن كتاب ميقاتي اصاب أكثر من عصفور بحجر واحد، فعلى الصعيد القضائي اوقف تجاوزات غادة عون التي تتدخل بملفات وتصدر استنابات من دون ان يكون لها صلاحية قضائية او مكانية وهي تدّعي بالجملة على مصارف بكاملها ما يهدد بضرب القطاع المصرفي برمته.
وعلى الصعيد السياسي، سحب ميقاتي ورقة هامة من يد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي تؤكد المصادر انه يحرك غادة عون قضائيا وفقا لمصالحه السياسية، وهو عبّر مع عون عن انزعاجهما من كتاب ميقاتي معتبرين انه تدخلا بالقضاء، فيما اكدت عون انها غير معنية بكتاب وزير الداخلية في حين ان ما قام به الاخير جعل قرارات عون ممنوعة من الصرف.
على الصعيد المصرفي فتح ميقاتي الباب امام حوار جدي من شأنه ان يفضي لاحقا الى تعليق الاضراب المستمر منذ اسبوعين، وذلك بطمأنة القطاع المصرفي، علما ان الخطوات التي يقوم بها ميقاتي كما اكد سابقا لا تهدف الى حماية المصارف او الدفاع عنها، بل هي من اجل تحصين القطاع المصرفي عموما الذي يعتبر العمود الفقري لاقتصاد لبنان، اما المخالفات الاخرى في بعض المصارف فيجب محاسبة اصحابها بشكل فردي وليس بالاستنسابية او بالانتقام الجماعي الذي يضاعف من تشويه سمعة لبنان المصرفية في الخارج.
لا شك في ان تطويق قرارات غادة عون من شأنه ان يؤجج الصراع بين ميقاتي وبين التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي لم يعد يختلف اثنان على انه بتعاطى مع البلد كشركة مفلسة يمعن في ضرب ما تبقى من مقدراتها وفي الانتقام من المسؤولين فيها، وفي منع اي محاولة لانقاذها تمهيدا للانهيار الكامل لشرائها بأبخس الاثمان، او لخلق ظروف من التوتر قد تصب في مصلحة طموحاته الرئاسية.
ترى مصادر مواكبة ان ما تقوم به القاضية غادة عون من تجاوز مستمر لصلاحياتها كان يتطلب قرارا صارما من هذا النوع يمنع القوى الامنية من تنفيذ قراراتها خصوصا بعدما ضربت بعرض الحائط توجيهات مجلس القضاء الاعلى وانذارات التفتيش القضائي، وتؤكد هذه المصادر ان ذلك لا يعتبر تدخلا في القضاء بقدر ما هو تحصين له واخراج بعض الايادي السياسية منه.
Related Posts