لبنان الى اين سياسياً واقتصادياً في مطلع العام ٢٠٢٣ الجزء الحادي عشر.. مدير تحرير اللواء الأستاذ صلاح سلام: الأفق مسدود مع هكذا طبقة سياسية ومالية حاكمة، العامل الخارجي اساسي والخارج فقد ثقته بالسلطة القائمة التي لم تفي بوعودها الإصلاحية، ولا حاجة حالياً لموتمر تأسيسي جديد؟!

حمود:

بعد إستراحة قصيرة خلال الفترة الفاصلة بين عيدي الميلاد المجيد وعيد رأس السنة الميلادية نستكمل نشر هذه الأجزاء من سلسلة الرؤى والمواقف والآراء الاستشرافية للتطوّرات السياسية والإقتصادية للعام ٢٠٢٣، والتي شملت قراءة و/ او الإستماع الى المداخلات الصوتية للعديد من النخب السياسية والإقتصادية والحقوقية والإعلامية والفكرية والثقافية اللبنانية، والذين أجابوا مشكورين على الأسئلة التالية المتعلّقة بإستشراف آفاق التطورات السياسية والإقتصادية في وطننا المنكوب والمأزوم على كل المستويات خاصة منذ ثلاثة سنوات:

١. ما المخارج التي يُمكن أن تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية بما لا يجعل أمد الفراغ الرئاسي طويلاً ؟ وهل يُمكن لبننة الإنتخابات الرئاسية؟ وهل ثمة شخصية معينة تتقدّم على غيرها في السباق الرئاسي؟

٢. في حال تمّ التوافق على إنتخاب رئيس للجمهورية هل يعني هذا الأمر وقوف لبنان على عتبة الإنقاذ والخروج من مُعضلاته كافة؟ وما مستقبل العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ في ضوء الخلافات الأخيرة التي ظهرت الى العلن؟ وهل يمكن ان يذهب التيار إلى التوافق مع القوات اللبنانية وحزب الكتائب والبطريركية على مرشّح رئاسي واحد؟

٣. ما الوسائل والخطط التي لم تعتمدها القوى السياسية صاحبة القرار لمعالجة الأوضاع الإقتصادية والمالية عمداً او تقصيراً او تآمُراً ؟ وما هي هذه الوسائل؟ وما الذي يمنع اعتمادها واللجوء إليها؟  

٤. هل المطلوب حتماً الذهاب نحو “مؤتمر تأسيسي” أم أن التعديلات الدستورية والمؤتمرات الحوارية (الداخلية او الخارجية) تفي بالغرض؟ 

٥. ما التقديرات المُرتبطة بالعام ٢٠٢٣؟ وهل يُمكن أن يشهد هذا العام بدايات حلّ ؟! ام أن ازمات لبنان الإقتصادية والسياسية نحو مزيد من التعقيدات والإنهيارات ؟ 

لقد كان لافتاً ان أغلبية المداخلات التي نشرناها حتى اليوم اجمعت على أهمية الدور الخارجي في الإستحقاقات القادمة وخاصة في إستحقاق إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وكذلك على القصور الكبير والفشل الذريع في معالجة الملفات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية، وأن موضوع المؤتمر التأسيسي مُوجّل حالياً لأسباب مُتعددة، واخيراً ان العام ٢٠٢٣ سيكون إمتداداً للعام السابق لناحية إستمرار حالة التخبّط والمراوحة والفشل الكبير في إيجاد الحلول السياسية والإقتصادية، وانه سيكون عاماً قاسياً جداً على اللبنانيين إلا اذا حصلت معجزة ما، او تدخّل خارجي كبير يدفع القوى السياسية والحزبية والكتل النيابية الفاعلة المُتصارعة على الساحة اللبنانية للإستسلام والإذعان السريع للصافرة الأجنبية و/او الإقليمية وللإسراع في إيجاد الحلول المفروضة من الخارج للأزمات المتشعّبة والشائكة في هذا الوطن.

وبعد دخولنا في هذا العام الجديد في ظل “كباش كهربائي كبير” يكهرب البلد ويزيد من سخط اللبنانيين على هذه الطبقة السياسية الحاكمة التي تستخّف بأدنى مقومات إحترام القوانين والأنظمة المُعتمدة والتي لا تراعي ابداً مصلحة مواطنيها وامورهم اليومية الأساسية وتهدر اموال خزينة الدولة، بحيث ان قيمة الغرامات المترتّبة على خزينة الدولة وصلت الى حوالي ٧٠٠ الف دولار اميركي حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر، وتستمرّ في التخطيط للسطو على ما تبقّى من اموال الناس وفي محاولاتها لتجويعهم وإفقارهم وإذلالهم. وإستكمالاً للمبادرة الحوارية “غير المباشرة” التي قمنا بها نبقى اليوم مع مطالعة الاستاذ صلاح سلام، مدير تحرير صحيفة اللواء العريقة. وهو صديق شخصي قديم وصديق وضيف دائم للملتقى. وقد شاركنا منذ إنطلاقتنا في العديد من النشاطات الوطنية الجامعة التي قمنا بها في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وفي الدعم والتغطية الإعلامية المشكورة لهذه المبادرات، واتّمست مداخلاته دائماً بالحكمة والرصانة والإتزان، وهو ابن العائلة البيروتية العريقة والمعروف جداً في الأوساط البيروتية والوطنية بمواقفه الوسطية المتوازنة وبالإعتدال والإنفتاح على كل مكونات هذا الوطن. وقد ترشّح سلام للانتخابات في بيروت وهو يتبنّى دائماً المواقف النيًرة والمعتدلة والبعيدة عن التطرّف رغم التجاذبات الإنقاسامات الطائفية والمذهبية الخطيرة الموجودة على الساحة اللبنانية. وللصديق سلام له علاقات متينة مع جميع الشرائح والفئات اللبنانية وفي كل المناطق والمحافظات اللبنانية رغم ان البعض يأخذ عليه تأييده ومراعاته بقوَة لسياسات المملكة العربية السعودية في الكثير من الاحيان. 

 *سلام* :

بداية أثنى الاستاذ سلام على الأسئلة الموجّهة له وللنخب السياسية والإقتصادية والإعلامية والفكرية اللبنانية التي شملها هذا الإستشراف، من منسق الملتقى الدكتور طلال حمود، خاصة في هذا الظرف السياسي والإقتصادي “المكهرب” على كل الجبهات وفي ظل الأزمات العميقة التي تعصف بلبنان، وقال مهما حاولنا ان نجتهد لنعالج الوضع ونتوقّع الافضل الا انه لا حياة لمن تنادي في ظل هذه الطغمة السياسية والمالية الحاكمة، فالمخارج لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية صعبة جداً في الوقت الحالي والأمور معقّدة جداً داخلياً وخارجياً. 

فكما هو معروف إن إنتخاب الرئيس اللبناني يأتي بتزكية وتوافق خارجي وليس من الداخل. وبحسب ما نرى فإن المرشحين الأساسيين المطروحين جدّياً للرئاسة هم النائب ميشال معوض، قائد الجيش العماد حوزيف عون والوزير والنائب السابق الأستاذ سليمان فرنجية، رئيس تيار المردة. وأضاف نحن نتمنى أن يكون هناك انتخاب للرئيس في الأمد القريب كي نقول أننا بدأنا نخرج من المأزق. وتأسّف سلام على إضاعة الكثير من الفُرص، وقال “لا اعتقد ان التيار الوطني الحرّ يستطيع ترميم العلاقة مع القوات اللبنانية بل أجزم أنه لن يكون أي اتفاق مُوحّد بين جميع القوى والكتل النيابية والفئات المسيحية الفاعلة والمُؤثّرة على مرشح واحد لرئاسة الحمهورية وذلك لأسباب متعدّدة ومن اهمها فشل التجارب السابقة وانعدام الثقة والأنانية.”

وأضاف إن طريق الانقاذ معروف للجميع ولكن هناك عجز رسمي كامل وعلاجات ترقيعية غير مُجدية. فطريق الإصلاح الحقيقي عليه أن يمرّ باصلاحات مالية وادارية واقتصادية. حيث أن التعقيدات تفاقمت لجهة عدم تنفيذ الوعود الإصلاحية الجذرية منذ مؤتمر سيدرز وبالتالي، لم يعد هناك أي ثقة بالطبقة الحاكمة بل اننا نشهد إدانة من المجتمع الدولي لمعظم مكونات هذه الطبقة بالفساد وإضاعة الوقت وعدم الجدّية في السعي لإيجاد الحلول الحقيقة والناجعة على كل المستويات.

واكمل سلام “بالنسبة للمؤتمر التأسيسي الجديد فأرى انه لا حاجة لنا لذلك حالياً وهناك شبه إجماع على عدم طرح ذلك حالياً. بالتالي علينا معالجة الثغرات الموجودة في الدستور وكل ما نتج عن مؤتمر الطائف وهذا ليس صعباً وانما يحتاج الى تفاهمات داخلية ووضع برنامج جدّي للإصلاحات والإتفاق عليها لتفادي الوقوع في المطبّات والإشكاليات والسجالات الدستورية التي وقعنا بها في السابق.”

وانهى سلام كلامه بالقول: أخيراً إن أي نظرتي للعام الجديد لا يُمكن أن تكون مُتفائلة دون تنفيذ هذه النقاط، ولا يمكن لنا بالتالي حالياً إستشراف اية حلول في هذا العام الجديد. ولذلك أعتقد أن الوضع يتجه للاسوأ، ولكنني لا يمكنني الا أن أطلب لكم ولكل من في هذا الملتقى بشكل خاص ولكل اللبنانيين بشكلٍ عام، أطيب التمنيات بالعام الجديد وعسى ان يحمل لنا هذا العام الذي دخلنا فيه بعض الإنفراجات لمشاكل وازمات هذا الوطن المُعذّب ولهذه الناس المغلوب على امرها والتي وصلت الى مرحلة خطيرة من القهر والإحباط والسخط نتيجة إستمرار مكونات السلطة في إعتماد ذات السياسات القائمة على النكد والكيدية والتعطيل المُتبادل وهي سياسات لا تبني لنا الوطن الذي نستحقّه، خاصة في ظل غياب “رجال الدولة” المسؤولين بحقّ.

 *د طلال حمود- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal