وضع وزير الدفاع الوطني موريس سليم نفسه في موقف لا يُحسد عليه، بعد مخالفته الدستور بإدخال تعديلات ليست من حقه أو من صلاحياته على مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكريين المرسل إليه من قبل الحكومة، وإعادته إليها بصيغة تشمل توقيع 24 وزيرا، ومن ثم رفضه توقيع المرسوم الجديد الذي أرسل إليه مجددا من رئاسة مجلس الوزراء، وذلك كما بات واضحا إلتزاما بقرار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يتفرغ بعد إنتهاء العهد لتصفية الحسابات السياسية.
تَصَرُف سليم قد يشكل سابقة خطيرة، خصوصا أنه وزير الدفاع المؤتمن على المؤسسة العسكرية، والمفترض به التعاون مع قائد الجيش لتأمين كل متطلباتها، وصولا الى خوض المعارك السياسية دفاعا عنها وعن جهوزيتها المرتبطة بشكل مباشر بأمن وإستقرار وحماية البلاد، علما، أن الجيش واجه خلال السنوات الماضية الأزمات وإنهيار الليرة وضعف الامكانات بصمود أسطوري يدل على مناقبيةٍ ووطنيةٍ وتضحيةٍ جسّدها العماد جوزاف عون الذي حرص طيلة الفترة الماضية على تأمين المساعدات غير المشروطة، وعمل بشكل دائم على رفع معنويات الجيش الذي قام وما يزال بكل ما من شأنه الحفاظ على الانتظام العام، إضافة الى مهام مختلفة تدخل ضمن النطاق الاجتماعي والصحي والانساني.
والمستغرب، أنه بدل أن يخوض وزير الدفاع معركة الجيش في الحصول على المساعدات الاجتماعية للعسكريين والحفاظ على نصاب المجلس العسكري وإقرار الترقيات لضباطه، أفسح المجال أمام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لخوض معركتين:
الأولى، ضد الجيش باستهداف قائده العماد جوزاف عون كونه مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية يتم التداول بإسمه في عواصم القرار ولأنه منعه خلال عهد الرئيس ميشال عون من بسط سيطرته على لواء الحرس الجمهوري وتمديد نفوذه الى المؤسسة العسكرية إنطلاقا من كونه “رئيس ظل”.
والمعركة الثانية، باستخدام الجيش ضد الحكومة التي فشل باسيل في منع إجتماعها في 5 الشهر الجاري، فعمل على تعطيل مراسيمها ومحاولة الضغط السياسي في أكثر من إتجاه، علما أن الوقائع تثبت، أن المعارك التي تخاض ضد الجيش أو بالجيش نتائجها خاسرة سلفا، خصوصا أن المؤسسة العسكرية اليوم تشكل الحصن الأخير وصمام الأمان الوحيد للاستقرار في لبنان.
أمام هذا الواقع، تقول مصادر سياسية مطلعة، إن باسيل يراكم الأخطاء منذ إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون، سواء في التعاطي مع الحلفاء أو في مقاربة الملف الرئاسي أو في مواجهة الحكومة وتعطيل حاجات الناس، لكن محاولته الأخيرة لإستهداف الجيش ومن ثم إستخدامه لمواجهة قرارات مجلس الوزراء يقع ضمن توصيف الخطأ القاتل، خصوصا أن الجميع يدركون حساسية الأوضاع والمخاطر التي تحيط بالبلاد والدور الوطني الكبير الذي يقوم به الجيش، ما يتطلب تحييد المؤسسة العسكرية عن كل الصراعات والتجاذبات السياسية.
وترى هذه المصادر أن ما يقوم به باسيل سيضاعف من خسائره، خصوصا أن معارضته لوصول قائد الجيش الى رئاسة الجمهورية، وصراعه المفتوح مع حكومة تصريف الأعمال وصلاحياتها، من المفترض أن يكونا خارج المؤسسة العسكرية ومساعدات الجنود وترقيات الضباط، وبعيدا أيضا عن حاجات الناس ومتطلبات المرضى، وما يثير دهشة تلك المصادر هو كيف يقبل وزير الدفاع موريس سليم المشهود له بالرصانة أن يقع في شباك باسيل وأن ينفذ رغباته في إستهداف وإضعاف الجيش المؤتمن عليه؟!..
Related Posts