كتب المحرر السياسي
لم يعد هناك من مكان للخيبات لدى اللبنانيين الذين ينظرون بحسرة الى تفكك مؤسساتهم الرسمية، فيما الانقسامات والصراعات تفرض نفسها على الواقع السياسي فتمنع إنتخاب رئيس للجمهورية، وترفض تسيير شؤون الناس عبر مجلس الوزراء، وتشجع وزراء على عدم القيام بواجباتهم، وتعطل كل أجهزة الدولة وتترك شعب لبنان العظيم في مهب الريح.
قضيَ الأمر بالنسبة لعدم إمكانية نقل مونديال قطر 2022 عبر شاشة تلفزيون لبنان، وبالتالي فإن على اللبنانيين أن يفتشوا عن طرق ووسائل أخرى سواء عبر الاشتراكات الخاصة عبر “الكايبل” أو المقاهي أو الاعتماد على بعض مواقع وصفحات الانترنت لمتابعة المباريات التي تعتبر مشاهدتها حقا مكتسبا للبنانيين الذين كانوا ضحية من يرفض إنعقاد مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بدفع المبلغ المطلوب الى الشركة المعنية بإعطاء تلفزيون لبنان الحق بنقل المباريات.
لم يعدم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الاعلام فيها زياد المكاري وسيلة من أجل تأمين نقل المباريات مجانا الى اللبنانيين، حيث جرى التفاوض مع المعنيين في قطر من أجل أن يكون هذا النقل هبة أو هدية لشعب لبنان أو بسعر رمزي يمكن للدولة تأمينه بشكل سريع، لكن بدا واضحا أن العلاقات السياسية وربما الشخصية شيء، و”البزنس” شيء آخر، حيث جوبهت هذه المحاولات بالرفض من الجهات القطرية، فتم العمل على تخفيض المبلغ المطلوب، حيث يذكر متابعون أن المبلغ الذي تم دفعه قبل أربع سنوات لتأمين النقل التلفزيوني لمونديال عام 2018 للبنانيين كان 11 مليون دولار أميركي، إلا أن الجهود التي بذلت على أكثر من صعيد لا سيما من الوزير المكاري أسفرت عن تخفيض المبلغ الى خمسة ملايين دولار.
واللافت، أن مبلغ الخمسة ملايين دولار جرى تأمينه على وجه السرعة، بعد إجتماعات مكثفة عقدها الرئيس ميقاتي مع الوزير المكاري وبعض الوزراء الآخرين، لكن آلية الدفع شكلت عائقا أساسيا، كون أي مبلغ من المال العام سيحول الى شركة خارجية يحتاج الى مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، وقد جرت محاولات حثيثة لتجاوز هذه العوائق بدفع المبلع عبر وزارة الاتصالات من خلال هيئة أوجيرو، أو عبر وزارة الطاقة أو غير ذلك، لكن القانون لم يسمح بذلك، حيث لا يمكن تجاوز مجلس الوزراء بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، في الوقت الذي يرفع فيه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل السقف رافضا أي إنعقاد لمجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال وبغياب رئيس للجمهورية، علما أن باسيل نفسه كان طلب مرارا من الرئيس السابق حسان دياب عقد إجتماع لحكومة تصريف الأعمال لتمرير بعض المراسيم التي يريدها، لكن مصلحة اللبنانيين في مشاهدة مباريات المونديال لم تعن له شيئا حيث يستمر على موقفه الرافض وعلى تعبئة بعض القوى الأخرى لمنع حصول هذا الأمر.
وبالطبع، فإن الرئيس ميقاتي الذي يصرّف الأعمال بالحد الأدنى وأخذ على عاتقه عدم إستفزاز أي فريق أو التسبب بتوترات سياسية قد تجر البلد الى فوضى هو بغنى عنها، خصوصا مع التهديدات التي يلجأ إليها باسيل كل مرة بالنزول الى الشارع، لم يدع الى جلسة لمجلس الوزراء حرصا على الاستقرار، وعلى العلاقة مع الوزراء خصوصا الذين طلب منهم باسيل عدم المشاركة بأي جلسة حكومية.
كل ذلك يؤكد أن الكيد السياسي هو الذي منع اللبنانيين من مشاهدة مباريات المونديال، ما يعني ان البلد سيكون مكشوفا بشكل كامل في حال حصول أي طارئ قد يحتاج الى إنعقاد مجلس الوزراء.
Related Posts