بري يرفع العتب.. وميقاتي يضع العرب أمام مسؤولياتهم!… غسان ريفي

في الوقت الذي أعلن فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري تراجعه عن الدعوة الى الحوار بهدف الوصول الى رئيس توافقي، نتيجة الاعتراض والتحفظ لا سيما من قبل كتلتيّ القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، دخل الاستحقاق الرئاسي الى مزيد من التعقيد ومن التأخير في آن، خصوصا بعدما تأكد للجميع في الجلسات الأربع الماضية بأنه لا يمكن لأي فريق بمفرده أن يأتي برئيس للجمهورية، ولا يمكن حتى الآن توافق أي طرفين من مكونات المجلس النيابي على مرشح محدد، ما يعني أن فخامة الفراغ سيبقى مستوطنا في قصر بعبدا الى أجل غير مسمى.

في غضون ذلك، كان لبنان يوم أمس أمام مشهدين، الأول إيجابي جسّده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في القمة العربية المنعقدة في الجزائر حيث حرص على مناقشة القضية اللبنانية مع الرؤساء والمسؤولين العرب بهدف توفير الدعم لوطن الأرز ومساعدته على الخروج من قعر جهنم الذي أوصله إليه عهد ميشال عون، وقد توج ميقاتي الجهود التي بذلها بالكلمة التي ألقاها وصارح بها العرب حول ما آلت إليه أوضاع لبنان واللبنانيين، و”الصعوبات التي يواجهها هذا البلد بفعل الديموغرافيا العربية التي يستضيفها، ما حوّله جسدا ضعيفا يحتاج الى مقويات بدل التجاهل الحاصل”.

وشكلت كلمة الرئيس ميقاتي محطة مفصلية وضعت العرب أمام مسؤولياتهم تجاه شقيقهم الأصغر الذي “يعاني أسوأ ازمة اقتصادية واجتماعية في تاريخه، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة ابنائه”.

أوحى الرئيس ميقاتي في كلمته أمس بأن لبنان الملتزم بالقضايا العربية ولا سيما قضية فلسطين وبقرارات الجامعة العربية وبالتضامن العربي، لم يعد من الممكن أو الجائز تركه وحيدا يواجه مصيره، حيث لا بد من لفتة إحتضان عربية تفرضها علاقات الأخوة القائمة، خصوصا أن لبنان لا يمكن أن يتخلى عن أشقائه العرب، والعكس صحيح، وبالتالي فإن الطبيعة لا تقبل الفراغ. 

وتشير المعلومات الى أن كلمة الرئيس ميقاتي التي خاطب من خلالها الوجدان العربي، وجدت تعاطفا عربيا عبر عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي أكد له بأننا “سنكون دائما مع لبنان”، وكان ميقاتي سمع كلاما مماثلا عن الدعم المطلق من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وممثل ملك البحرين وسائر المسؤولين الذين إلتقاهم على هامش القمة، ما يؤكد الدعم العربي للحكومة في الاستمرار بقيادة البلاد الى حين إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

في المقابل كان فريق التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل غارقا في الصغائر، وفي كيفية التفتيش عن مادة أو بند في الدستور أو عن “هرطقة” جديدة يمكن ركوب موجتها لمنع حكومة تصريف الأعمال من قيادة البلاد في ظل الشغور الرئاسي، وبالتالي الامعان في تعميق أزمات اللبنانيين، وذلك نتيجة غطرسة وكيدية سياسية ومحاولة الانتقام من الرئيس ميقاتي الذي شكلت رئاسته للحكومة من التأليف الى التصريف سدا منيعا في وجه طموحات ورغبات ومشاريع باسيل الذي يجد نفسه اليوم “منزوعا” من أي صلاحيات أو نفوذ إعتاد على إستغلالهم على مدار ست سنوات من عهد عمه الرئيس السابق ميشال عون. 

وفي الوقت الذي يُفترض فيه أن تلاقي مواقف الرئيس ميقاتي في القمة العربية إجماعا لبنانيا، يستعد باسيل الى رفع السقف الى مداه الأعلى في جلسة اليوم حيث سيتلو الرئيس نبيه بري رسالة الرئيس السابق ميشال عون لرفع العتب، والتي يشير مراقبون الى أنها لم تعد تجدي نفعا بعد إنتهاء ولايته، خصوصا أن الدستور لا يقبل الفراغ، ما يعني أن التوقيع على إستقالة الحكومة وتوجيه الرسالة الى مجلس النواب من قبل عون كانت عبارة عن مجرد تصفية حسابات مع ميقاتي وبالتالي لا قيمة دستورية لها. 


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal