بعد الضجة الاخيرة حول موضوع صلاة الطلاب المسلمين داخل حرمها… هذا ما اوضحته الجامعة الانطونية

أوضحت الأمانة العامة للجامعة الأنطونية  في بيان أنه “بالإشارة إلى الموضوع المتداول في الآونة الأخيرة والمتعلق بمسألة إيجاد الحل في مطلب تأمين مكان صلاة لبعض الطلاب المسلمين داخل حرم الجامعة الأنطونية، ونظرا إلى حدة الجدل والنقاش الذي تناول هذه المسألة على وسائل التواصل الاجتماعي، وجوابا عن الكتاب المقدم إلى إدارة الجامعة من بعض الطلبة في هذا الصدد، والمتضمن عدة اقتراحات في هذا الشأن وقد أصبح في متناول قراء الشبكة العنكبوتية، وعملا بقواعد الشفافية التي تعتمدها الجامعة الأنطونية في مختلف سلوكياتها، نعلن الآتي: 

أولا:  تلتزم الجامعة الأنطونية مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعده، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأحكام الدستور اللبناني، والقواعد الإلزامية لقانون التعليم العالي، ونظام الجامعة التأسيسي ودستورها المستند إلى هذه المبادئ والحقوق في أدبياتها وعلاقاتها بالغير ولا سيما بطلابها. 

ثانيا:  تضمن هذه المبادئ والقواعد والقوانين حرية التعليم خدمة عامة لجميع الطلاب من دون تمييز في الدين أو العرق أو الطائفة أو المذهب أو اللون أو الجنس، بالإضافة إلى حرية المعتقد وإبداء الآراء على اختلافها ضمن ضوابط القانون والنظام العام. 

ثالثا: إن التزام الجامعة الأنطونية تأمين حرية المعتقد وإبداء الآراء على اختلافها، لا يعني إمكان ممارسة طلابها هذه الحقوق خلافا لضوابط النظام العام، وتجاهل حقوق الآخرين وحريتهم وفقا لما سنتوسع في شرحه أدناه، وهو الأمر الذي نص عليه الدستور اللبناني صراحة في المادة التاسعة منه، وأشار إليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة الثامنة عشرة منه الفقرة (3)، ونص عليه قانون التعليم العالي في المادة الستين الفقرة (ج)، وذكره نظام الجامعة في العديد من مواده. 

رابعا:    طبقت الجامعة الأنطونية هذه المبادئ والقواعد وفقا لمضمونها، فأمنت لطلابها حرية التعلم من دون تمييز بينهم لأي سبب من الأسباب، وأمنت لهم أيضا حرية إبداء الرأي قولا وفعلا، بدليل قبولها مجاهرتهم بأفكارهم مهما كانت، وتقديمهم المطالبات كافة لإبداء آرائهم مهما كان نوعها، وتقبلها من قبل الجامعة ومناقشتها وإياهم بشكل صريح وواضح وشفاف، واجتماعها مع ممثلين عنهم مرات عدة، وتكريسها الوقت اللازم لمعالجة هذا الأمر بهدوء وروية. لكن إصرار البعض أن يحرف هذه القضية عن مسارها الطبيعي ويضعها خارج حرم الجامعة، ساهم في إدخالها ضمن جدل خلافي ظهر فيه الرأي والرأي الآخر والحجة والحجة المقابلة، مما أدى إلى انقسام في النفوس لا يؤمن المصلحة العليا التربوية، ولا تبغيه إدارة الجامعة وغالبية طلابها، فاختلطت الأمور عند الكثيرين مما دفعنا إلى إجراء بعض التوضيحات الضرورية علها تساعد على وضع الأمور في نصابها. 

خامسا:    إن النقاش المشار إليه لا تعتبره الجامعة منة منها، بل هو واجب عليها تجاه طلابها لا تكفله القوانين فحسب، بل ينبع من صلب العلاقة التربوية والأبوية التي تربط إدارة الجامعة بأبنائها الطلبة الذين تكن لهم كامل الاحترام وتفتخر بهم، وبالتزامهم وشجاعتهم في إبداء مواقفهم، والمطالبة بما يعتبرونه حقا لهم، ولا سيما أن ما يطالبون به هو تأمين أداء الصلاة الذي تحترمه إدارة الجامعة، كيف لا وأن راعي الجامعة ورئيسها وبعض أعضاء مجلس الأمناء وكبار الإداريين فيها والعمداء والأساتذة هم رهبان مكرسون للصلاة والخدمة، وينتمون إلى الرهبانية الأنطونية المارونية صاحبة الترخيص. 

سادسا:  ولئن كان الحق في ممارسة الشعائر الدينية للطلاب المسلمين أو غير المسلمين، على أهميته، يعتبر حقا أساسيا، إلا أن ممارسته يجب أن تتم ضمن ضوابط النظام العام التربوي الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين خدمة التعليم لجميع الطلاب على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، وذلك في جو من الإلفة واللحمة والوحدة يؤمن تحقيق الصالح العام للمجتمع، ويمنع نشوء الاختلافات في ما بينهم داخل الصرح الجامعي، الأمر الذي قد يعرض هذا النظام العام للاضطراب، مما يطيح بالغاية التي تأسست الجامعة من أجلها. ولا سيما أن الجامعة هي المكان المعد لتلقي التعلم وإعداد البحث العلمي، وليس لأداء فريضة الصلاة على أهميتها القصوى والجوهرية. 

سابعا:  إن الموافقة على تأمين مكان صلاة للطلاب المسلمين داخل حرم الجامعة الأنطونية سوف يتخذ، وعلى سبيل القياس، من قبل الطلاب الآخرين الذين ينتمون إلى طوائف ومذاهب أخرى سابقة تجيز لهم التقدم بطلب مماثل. كما سوف يفرض على الجامعة الاستجابة لطلب الطلاب غير المؤمنين تأمين مكان لهم لنشر أفكارهم ومعتقداتهم ولممارسة نشاطاتهم داخل الجامعة استنادا إلى حرية الرأي والمعتقد، الأمر الذي سيرسي الأساس لخلق الاختلافات بين الطلاب الذين تجمعهم خدمة التعلم، مما يؤدي إلى خلق النزاعات والقلاقل بين الطلاب داخل الحرم الجامعي، ويصرفهم بالتالي عن الهدف الأساسي في تلقي العلم، ويزعزع التآلف والوحدة في ما بينهم، ويؤدي إلى اضطراب النظام العام داخل الجامعة، ويعرض هدفها الأساسي، أي تأمين الحق والحرية في التعلم بالتساوي للجميع، إلى خلل وفوضى وفقدان للتوازن. 

ثامنا: بالإضافة إلى التزامها القواعد والمبادئ الدستورية أعلاه، تتميز الجامعة الأنطونية في هويتها التي يجدر المحافظة عليها، وتنبثق منها رسالتها التي تنص على أنها مؤسسة لبنانية كاثوليكية خاصة تهدف إلى تنشئة مواطنين ومؤمنين في إطار التعليم العالي، وتلتزم تعاليم الكنيسة الكاثوليكية وتوجيهاتها في إطار ممارسة رسالتها، وهو أمر تفتخر به الجامعة، ويشكل المواد الأول من دستورها ونظامها. وبالتالي، لا يمكن الطلب إليها بالنظر إلى هذه الخصوصية المتميزة التي لم تخبئها يوما، أن تكفل وتضمن حرية إقامة الشعائر الدينية للطوائف الأخر مع كامل احترامها وتقديرها لها، كما وحرية إقامة النشاطات لغير المؤمنين في مراكزها وداخل حرمها، لأن هذا الأمر ينال من حقوقها المكفولة لها دستورا، والتي يتوجب على طلابها احترام هذه الحقوق، تماما كما تحترم الجامعة حقوقهم المكفولة لهم بالدستور والقانون. 

تاسعا: انطلاقا من قواعد النظام العام وحقوق الجامعة المنوه عنها، يتبين أن بعض الطلبة قد التبس عليهم الأمر، ولم يحسنوا التفريق بين حقوقهم الدستورية من جهة وممارستها من جهة أخرى. فالتنوع الذي حمته وما زالت تحميه الجامعة الأنطونية لا يعني تأمين حق ممارسة الشعائر الدينية داخل حرمها، بل يعني بالأحرى تأمين مجتمع داخلي متنوع وشامل يحترم الاختلاف بين أعضائه الذين يجمعهم هدف واحد، وهو الحق في التعلم من دون تمييز.

 عاشرا: أخيرا، وانطلاقا من القول إن الاختلاف لا يفسد في الود قضية، لا يسعنا إلا أن نثني على جرأة طلابنا الذين أثاروا هذه المسألة وتناولوا هذا الموضوع الحساس، وعلى إبداء رأيهم بوضوح، كما ونشكر للمرجعيات الدينية والسياسية كافة اتصالها بنا لاستيضاح هذه المسألة، وقد شددت على أهمية مراعاة المصلحة العليا التربوية وتأمين المساواة بين جميع الطلاب”.

وختم: “تتمنى الجامعة الأنطونية على وسائل الإعلام اعتبار هذا التوضيح بمثابة البيان الرسمي الصادر عنها في هذا الصدد”. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal