بدا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية ضمن برنامج “الرئيس” مع الزميل سامي كليب على قناة الجديد، غاضبا، مربكا وغير مدرك للمشهد السياسي في المرحلة المقبلة، وذلك بعد فشله في تنفيذ اجندته الرئاسية والحكومية قبل انتهاء عهد عمه الرئيس السابق ميشال عون.
تحدث باسيل بمنطق الخاسر الذي “يتقلب على جمر النار”، وكان تحت تأثير عصبي غير مسبوق دفعه الى التهديد بايقاف الحلقة، كما ضاق ذرعا بالاسئلة التي لم تكن استفزازية بقدر ما حاول الزميل كليب من خلالها الحصول على أجوبة شافية حول امور كثيرة من باسيل الذي وعلى غير عادته حاول التملص منها، تارة بالسخرية وتارة اخرى بتجهيل الفاعل، وطورا بالرفض عن الاجابة.
اطلق باسيل سلسلة من الاتهامات من دون الركون الى وقائع او قرائن، ما اظهر رغبة لديه بالانتقام من كل من وقف في وجه طموحاته ورغباته السياسية والحكومية والقضائية وصولا الى اخراجه من معادلة النفوذ في السلطة واعادته الى حجمه الطبيعي، ما استدعى ردودا لاذعة وعنيفة بحقه من مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومن المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، ويبدو ان الحبل سيكون على الجرار.
هذا الواقع ادخل باسيل في جملة تناقضات، وصلت الى حدود تكذيب نفسه، حيث إتهم بداية الرئيس نجيب ميقاتي انه وبطلب خارجي وبدعم من الرئيس بري لم يرد تشكيل الحكومة، ثم كشف في الوقت نفسه ان ميقاتي ارسل اليه موفدا يطلب منه الثقة للحكومة التي سيشكلها.
كما جدد باسيل التأكيد بانه لم يكن يريد المشاركة في الحكومة ولا يريد منحها الثقة، وفي الوقت نفسه انتقد ميقاتي لأنه لم يتجاوب معه في تسمية الوزراء البرتقاليين.
وكذلك اكد باسيل انه لم يسحب الاساءة بحق الرئيس بري عندما وصفه بالبلطجي، بل اسف فقط لخروجها الى الاعلام، في حين يذكر القاصي والداني كيف تراجع باسيل عما قاله واعتذر عن اساءته للرئيس بري.
اما الطامة الكبرى فكانت في تبرؤ باسيل من وزراء التيار الوطني الحر الذين يبدو انهم رفضوا الخضوع لاملاءاته بمقاطعة الحكومة وتعطيل وزاراتهم، حيث اشار الى ان هؤلاء لا ينتمون الى التيار، بل هم من المقربين الى رئيس الجمهورية، في حين انه سبق ودعاهم الى غداء وطلب منهم تعليق مشاركتهم في حكومة ميقاتي، وبدأ يشيع اجواء بذلك ويطرح مسألة الميثاقية في الحكومة.
الى ذلك، وقع باسيل في جملة من التناقضات التي تدل على التخبط الذي يعيشه، وحالة انعدام الوزن التي تسيطر عليه، حيث تنصل من تعطيل تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، مؤكدا انه لم يكن قادرا على تشكيل حكومة بسبب الضغط السعودي عليه، ثم أكد في سياق الحديث نفسه بأن ما منع الحريري من التأليف هو ظروفه الخاصة، علما ان باسيل كان اطلق يومذاك معادلة “إما جبران وسعد داخل الحكومة أو الاثنان خارجها”، كما لم يتوان حينها عن إلحاق كمّ من الاساءات بموقع رئاسة الحكومة وبصلاحيات رئيسها.
نفى باسيل صفة الانجاز في موضوع الترسيم عن الرئيس بري، لكنه اكد انه كان متابعا لهذا الملف منذ البداية، ونسب لنفسه معادلة “قانا مقابل كاريش” وتهديد اسرائيل والتي تبناها حزب الله فيما بعد، واكد انه لولا تهديدات الحزب لما حصل الترسيم.
اعلن باسيل التزامه بالتحالف مع حزب الله، لكنه اكد انه لا يستطيع القول انه قريب منه كونه ابن البيئة المسيحية، محملا اياه مسؤولية العقوبات الاميركية التي فرضت عليه، ومجددا التأكيد بان لا خلاف ايديولوجيا مع اسرائيل.
في ملف الرئاسة، قطع باسيل الطريق على سليمان فرنجية، وحاول احراق اوراق قائد الجيش العماد جوزف عون، واكد انه غير مرشح لرئاسة الجمهورية، في وقت يؤكد فيه مقربون بأن باسيل لم يقل الحقيقة او أنه أمعن في الكذب على نفسه وعلى الآخرين، خصوصا ان الرئيس عون لم يكن ليرشحه لولا رغبته، لكنه يدرك اليوم صعوبة تسويق نفسه، لذلك فهو يسعى الى التحريض الطائفي والمذهبي والشحن السياسي، بهدف الوصول الى الفوضى التي يرى فيها فرصته الوحيدة في امكانية الوصول الى قصر بعبدا بفعل تسوية ما..
Related Posts