ستشهد الساعات المقبلة طغيان عملية إبرام اتفاقية الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل على شريط الأحداث اللبنانية، مع وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت اليوم تمهيداً لتسليم المسؤولين اللبنانيين غداً نص مذكرة الترسيم الأميركية التي سيتم التوقيع عليها من قبل كل من الجانبين اللبناني والإسرائيلي في رأس الناقورة. وعشية اجتماع الناقورة، استرعى الانتباه إعلان الحكومة الإسرائيلية منحها الإذن لشركة “إنيرجين” للبدء بعملية استخراج وإنتاج الغاز من حقل “كاريش”، حسبما نقلت وكالة “رويترز”، في وقت أنهت قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب استعداداتها اللوجستية والعسكرية والأمنية لاستضافة حفل التوقيع على اتفاقية الترسيم الحدودي البحري بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي غداً في الناقورة بحضور الوسيط الأميركي والقائد العام لقوات “اليونيفل” الجنرال الإسباني أرولدو لاثارو، وسط تأكيد معلومات موثوق بها أنّ “حزب الله” اشترط مسبقاً التعتيم الإعلامي على مراسم توقيع اتفاقية الترسيم مع إسرائيل، وطلب من السلطات اللبنانية التشديد على منع تواجد الإعلاميين في حفل الناقورة وحظر التقاط أي صورة فوتوغرافية خلاله، وفق ما كتبت صحيفة” نداء الوطن”.
وكتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ الفقرة “د” من القسم الأول من الإتفاقية التي سيُوقّع الرئيس عون عليها، تنصّ على أنّ الإحداثيات الواردة في مراسلة كل من الطرفين الى الأمم المتحدة، تحلّ محلّ المذكّرتين المودعتين لديها من قبلهما، أي محل المرسوم 6433 المُرسل من قبل لبنان بتاريخ 19-10-2011، ما يعني انتفاء المادة 3 المذكورة آنفاً. والأخطر من ذلك أنّ هذه الفقرة نفسها تؤكّد على أنّه “لا يجوز أن يُقدّم أي من الطرفين مستقبلاً الى الأمم المتحدة أي مذكّرة تتضمّن خرائط أو إحداثيات تتعارض مع هذا الإتفاق، ما لم يتفق الطرفان على مضمون مثل هذه المذكرة”. وهذا يعني بأنّ الإتفاقية تمنع لبنان من تقديم أي إحداثيات جديدة الى الأمم المتحدة، والى القضاء الدولي مستقبلاً، إلاّ بعد التفاهم مع العدو الإسرائيلي. وهذه مسألة لا يُستهان بها، لأنّها تنزع قرار لبنان من يده في حال تأكّد من إحداثيات جديدة تقضي بتعديل حدوده البحرية، ما يجعل الإتفاقية مُبرمة، ومن غير السهل على لبنان التصرّف من دون موافقة الطرف الآخر.
من هنا، تقول المصادر بأنّه ليس المهم مَن سيُوقّع على اتفاقية الترسيم غداً الخميس، وأكان الرئيس عون بمفرده أم مع جهة رسمية أخرى، ما دامت الشرعية بيده في الوقت الحالي، ولا يُمكن لحكومة تصريف الأعمال القيام بذلك، خصوصاً وأنّ المذكّرة التي ستُرسل الى الأمم المتحدة، تتضمّن الإحداثيات نفسها التي نصّ عليها المرسوم 6433، والذي وافقت عليه جميع الحكومات منذ العام 2011 وحتى اليوم.
وكتبت” اللواء”: على صعيد سياسي آخر، كشفت مصادر ديبلوماسية عن أسباب الغاء دمشق زيارة الوفد اللبناني الذي شكله رئيس الجمهورية ميشال عون بمعزل عن موافقة مجلس الوزراء اللبناني للتفاوض مع الجانب السوري لترسيم الحدود البحرية بين البلدين وقالت: ان السبب الاساس، يعود الى ان طرح موضوع الترسيم هكذا، فاجأ الجانب السوري، وحصل من جانب لبنان بمفرده،ولم يتم التحضير المسبق له بين البلدين، باجتماعات تمهيدية لتذليل كل الصعوبات القائمة، كما يتطلب الامر ذلك، وبعدها تعقد الاجتماعات على مستوى المسؤولين المعنيين للاتفاق النهائي عليه.
وشددت المصادر على ان السبب الثاني المهم، هو ان طرح موضوع الترسيم مع سوريا بعد حصول اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل مباشرة،وكأنه تحصيل حاصل،انما هو اعتقاد خاطىء، وكان الاجدى التنبه اليه قبل الاندفاع باتجاه مقاربته على هذا النحو، لانه ليس صحيحا، ان ما يصح الاتفاق عليه مع إسرائيل، يطبق مع سوريا فورا.
واشارت المصادر الى ان السبب الثالث يعود الى ان صيغة التفاهمات الإقليمية والمحلية والدولية التي ادت الى اتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل، لاتنسحب على سوريا التي تظللها تفاهمات مختلفة عما حصل مع لبنان،لاسيما بخصوص علاقاتها المقطوعة مع الولايات المتحدة الأميركية. وهذا يشمل في طياته الاعتراض الضمني لدمشق على انخراط ايران في استيلاد هذا الاتفاق، بمعزل عن سوريا، واشارتها بأن ما حصل مع لبنان، لا يطبق على سوريا، لان اوضاعها و علاقاتها مختلفة.
واعتبرت المصادر ان احد الاسباب المهمة ايضا، هو عدم رغبة الجانب السوري، اثارة هذا الملف من أساسه، لأنها ترفض التفاوض حوله، بالرغم من كل محاولات اثارته، سياسيا واعلاميا، لتشويه الموقف السوري.
وكشفت المصادر النقاب عن المسؤولين السوريين، يعتبرون ان رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه، لم يعطوا العلاقات السورية اللبنانية حقها، طوال مدة ولايته، وبقي على مسافة بعيدة عن اعادة الحرارة الطبيعية للعلاقات اللبنانية السورية، بل ابعد من انقطع انقطاعا تاما عن تفعيل التواصل بين البلدين.
وفي الخلاصة، استنادا للمصادر المذكورة، فإن دمشق أبلغت رئيس الجمهورية ميشال عون، بأنه ليس مستحبا، أن يطرح ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، في ما تبقى من ايام معدودة من ولاية عون، والافضل ترحيل هذا الملف للعهد المقبل بداية، او الحاقه بمستودع القضايا والمسائل المعلقة بين البلدين الى ماشاء الله.
وكتبت” البناء”: بعدما عمدت جهات معروفة العداء للدولة السورية ومعارضة بشدة للعهد، الى استغلال سوء وتضارب المواعيد بين المسؤولين اللبنانيين والسوريين للإيحاء بأن سورية أرادت استهداف الرئيس عون برفض استقبال الوفد اللبناني الذي كان يتحضر لزيارة سورية للبحث بمسألة ترسيم الحدود بين الدولتين، حسم السفير السوري علي عبد الكريم علي الأمر بالتأكيد على أن تزاحم المواعيد هو سبب إرجاء الزيارة ولم تلغَ.
Related Posts