الغضب يتزايد في ايران… والنساء في الواجهة

حفزت وفاة مهسا (زينة) أميني واحدة من أكبر الانتفاضات وأكثرها استدامة في إيران خلال السنوات العشر الأخيرة، وحشدت الآلاف من الإيرانيين والمؤيدين على مستوى العالم.

وقد تبنى المتظاهرون الشعار الكردي “امرأة، حياة، حرية” كصرخة حاشدة، وخرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالحرية السياسية في مواجهة انقطاع الإنترنت والاعتقالات الجماعية وهجمات الذخيرة الحية من قبل الأجهزة الأمنية.

ويشير مقال منشور على مجلة فورين أفيرز إلى إنه ليس هناك ما يشير إلى أن حركة الاحتجاج التي تقودها النساء في إيران تتباطأ، على الرغم من حملات القمع العنيفة التي تشنها قوات الأمن الإيرانية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، سار آلاف الإيرانيين إلى مدينة ساغز، مسقط رأس أميني في حداد.

ويرتبط الحجم الملحوظ لهذه الاحتجاجات ومرونتها ارتباطا مباشرا بالمشاركة المركزية للمرأة، وفقا للصحيفة، حيث حينما “تكون النساء في الخطوط الأمامية، تكون للحركات الجماهيرية فرصة أكبر للنجاح”.

وخلال العام الماضي في إيران، شددت سيطرة الحكومة على حياة المرأة، خاصة فيما يتعلق بقانون الحجاب. وقد ولدت مقاطع الفيديو المنتشرة على نطاق واسع لشرطة الأخلاق التي تطبق القانون بعنف موجة من الغضب والتحدي، ويمكن القول إن وفاة أمين كانت نقطة التحول.

ومنذ البداية، حددت النساء نغمة هذه الاحتجاجات ووجدا طرقا مبتكرة لتسجيل غضبهن من الحكومة. وعلى الرغم من أن الرجال شاركوا أيضا بأعداد كبيرة، إلا أنهم فعلوا ذلك باسم أميني ومن خلال تبني خطاب نسوي أكثر من أي وقت مضى، وفقا لكاتبات المقال، زوي ماركس، وفاطمة حاجي حجو، وأريكا تشينويث.

في المقابل، يحذر المقال من المخاطر التي ستحدث لو هزم النظام الإيراني المحتجين اليوم، فقد يتبع ذلك رد فعل أعمق، قد يؤدي إلى انتكاسة لحقوق المرأة الإيرانية وحريتها السياسية لعقود.

وبحسب المقال، فقد ألقي القبض على امرأة تدعى سبيدة رشنو وتعرضت للضرب وأجبرت على “الاعتراف” على شاشة التلفزيون التي تديرها الدولة بعد مشاجرة مع امرأة ترتدي الحجاب في حافلة بالمدينة انتشرت على نطاق واسع في يوليو.

وفي حادثة أخرى، أظهر مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع أما تحاول إيقاف شاحنة تابعة للشرطة، وهي تبكي وتصرخ “أرجوك أطلق سراح ابنتي إنها مريضة” فيما مضت الشاحنة متجاهلة توسلاتها.

بالإضافة إلى الهجمات المرتبطة بالحجاب، نفذت الحكومة مؤخرا سياسة سكانية للولادة تفرض رقابة اجتماعية على النساء والأسر، وهي على وشك زيادة تهميش النساء من المجال العام.

وتجرم هذه السياسة، التي ندد بها مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الإجهاض وتقيد تنظيم الأسرة والرعاية الصحية الإنجابية، مثل مراقبة الجنين، والحصول على وسائل منع الحمل.

“انتصارات نسائية”

وعلى الرغم من بعض التقدم في الحقوق النسائية الذي تحقق خلال العقدين الماضيين، ومنها محاولة من نساء البرلمان لمناقشة قيود الحجاب، فقد “انتهى هذا” بحملة بدأت عام 2020، من المحافظين لعكس هذه المكاسب التي تحققت بشق الأنفس، حيث منع القادة الأصوليون النساء البارزات من الترشح للمناصب، واضطهدوهن بدعاوى قضائية تافهة، وألقوا بدعمهم وراء المرشحين المتشددين من كلا الجنسين، وفرضوا قواعد اللباس الإسلامي.

وأدى الإقبال الكبير من النساء في الانتخابات الرئاسية لعام 1997 إلى وصول الرئيس محمد خاتمي إلى منصبه وساعد على بدء عصر الإصلاح النسبي، ولعبت النساء أدوارا بارزة للغاية في الحركة الخضراء لعام 2009 ضد تزوير الانتخابات الذي رعته الدولة.

وطورت النساء العديد من المبادرات لإبقاء التظاهر في الشوارع، مثل حركات “أمهات في الحداد والأمهات من أجل السلام” وهي مجموعات للنساء اللواتي فقدن أطفالهن خلال الاحتجاجات أو رأينهن يعتقلن.

لكن مركزية حقوق المرأة في انتفاضة اليوم تجعلها مختلفة عن تلك الحالات السابقة للتعبئة السياسية للمرأة في إيران، وفريدة من نوعها بين الحركات الجماهيرية الأخيرة في الشرق الأوسط الأوسع، وفقا للمقال.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المنطقة الحديث التي تشتعل فيها انتفاضة على مستوى البلاد بسبب وفاة امرأة شابة ناهيك عن كونها من مجموعة أقلية عرقية.

ويدعم المقال فكرة إن موجة الاحتجاجات تشير إلى دعم واسع النطاق للسلطة السياسية للمرأة ووكالتها باعتبارها أساسية للتغيير السياسي في إيران مع التأكيد على الطبيعة الجنسانية للقمع من قبل النظام.

كما تميل الحركات التي تضم أعدادا كبيرة من المشاركات الإناث إلى أن ينظر إليها على أنها أكثر شرعية في نظر المراقبين، الذين غالبا ما يستجيبون للقوة الرمزية للجدات وطالبات المدارس اللواتي يحتجن بشجاعة.

الابتكار النسائي

وتقول المجلة إنه في جميع أنحاء العالم، تميل الحركات التي تقودها النساء أيضا إلى أن تكون أكثر ابتكارا وفي إيران، كانت بعض تكتيكات الاحتجاج فريدة من نوعها. وقد خلعت النساء حجابهن أو أحرقنه أو لوحن به أثناء ترديد الشعارات، كما هو الحال مع الطالبات اللواتي تم تصويرهن وهن يصرخن “اخرج” في وجه ممثل عن الحرس الثوري الإسلامي في مدرستهن.

وتقوم النساء بقص شعرهن علنا، مستحضرات فكرة فارسية قديمة من الحداد والغضب من الظلم وإطلاق رمز جديد للاحتجاج الدولي.

وكشفت أم تبلغ من العمر 80 عاما قتل ابنها في السجن النقاب عن شعرها وقصته لدعم الحركة.

وسريعا ما انتشرت الحركة من شوارع سنندج، عاصمة إقليم كردستان الإيراني، إلى أفغانستان وتركيا المجاورتين، إلى برلمانات الاتحاد الأوروبي وبلجيكا، حيث تستخدم النساء في جميع أنحاء العالم مقص الشعر من ليرمز إلى العنف ضد أجساد النساء ورفض المعايير المحافظة للجمال والأخلاق.

وأخيرا، فإن الحملات التي تشارك فيها النساء بشكل بارز هي أكثر مرونة في مواجهة القمع، وفقا للمقال ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الاحتجاجات الشاملة من المرجح أن تظل غير عنيفة.

وعنف الدولة ضد المتظاهرات يمكن أن يأتي بنتائج عكسية. وغالبا ما ينظر إلى مهاجمة النساء والأطفال على أنها غير مشروعة وعلامة على ضعف الحكومة.

وقد شوهد هذا بشكل مؤثر في احتجاجات إيران عام 2009، عندما أطلقت السلطات النار على ندى آغا سلطان، وهي امرأة تبلغ من العمر 26 عاما، وقتلت، لتصبح شهيدة للحركة.

وخلال الاضطرابات الحالية، تشير التقارير إلى أن النظام الإيراني اعتقل أكثر من 8000 شخص، من بينهم مئات الأطفال، وقتل أكثر من 200 متظاهر. وعندما يعامل الصغار والكبار، والنساء والأطفال، بهذه الطريقة، فإن ذلك يشكل خطرا جسيما على الشرعية المتصورة لاستخدام قوات الأمن للقوة.

خطر الفشل

لكن تاريخيا، من المرجح أن تؤدي الحركات التي تضم النساء بأعداد كبيرة إلى نجاحات ديمقراطية أكثر من تلك التي يهيمن عليها الذكور. وتشمل الأمثلة حملات الديمقراطية في الأرجنتين والبرازيل وشيلي والفلبين وبولندا في الثمانينات.

 وحيثما تنجح الحملات، فإن زيادة التحول الديمقراطي تؤدي عادة إلى مزيد من الاحترام للحريات المدنية والمساواة بين الجنسين في السنوات التالية.

ونتيجة لذلك، فإن مثل هذه الحركات تزيد من المخاطر بالنسبة للأنظمة الاستبدادية.

لكن عندما تهزم حركات الديمقراطية، غالبا ما يتبع ذلك رد فعل انتقامي عنيف، مما يؤدي إلى تراجع حقوق المرأة إلى مستويات أقل مما كانت عليه قبل بدء الحركة.

” الحرة” 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal