سركيس نعوم ضيف مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق: الحل يكمن في تنفيذ اتفاق الطائف

إستضافت “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” في مقرها بطرابلس الصحافي سركيس نعوم في لقاء بعنوان” هل كان لبنان يوما فعلا رسالة ؟ وماذا سوف يكون يا ترى لبنان الجديد ؟ “.

وحضر اللقاء راعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت إفرام كرياكوس، راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثلا بالأب راشد شويري، مفتي طرابلس والشمال السابق الدكتور الشيخ مالك الشعار، النواب أشرف ريفي، ممثلا بالدكتوركمال زيادة، النائبان الدكتور طه ناجي و الدكتور رامي فنج، الوزراء السابقون سمير الجسر، رشيد درباس، عمر مسقاوي، النائب السابق مصباح الأحدب، نقيبة المحامين في الشمال ماري تريز القوال، الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين، الرئيس السابق لبلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، قائمقام بشري ربى شفشق.

كما حضر الندوة حشد من الإعلاميين ورؤساء وأعضاء الهيئات الثقافية في طرابلس والشمال ومدراء المؤسسات الجامعية والتربوية ومهتمون.

في الإفتتاح النشيد الوطني اللبناني ونشيد الفيحاء

زريق

ثم ألقى الدكتور سابا قيصر زريق رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية كلمة رحّب فيها بضيف المؤسسة الصحافي سركيس نعوم وقال: تعرّفتُ منذُ أكثرِ من عقدَين إلى ذلكَ النازحِ جَنوباً بالجسدِ عن مِزيارةِ شَمالِنا الجميلة، إلى العاصمةِ التي كانَتْ آنذاك متلألئة؛ ولم نفقُدْ مُذ ذاك التواصُلَ في ما بيننا. إن التعريفَ عن سركيس نعوم ليس ضَرورياً على الإطلاق؛ لأن القاصي والداني، إن لم يكن قد سبقَ أن التقاه أو قرأَ له، لا بدَّ أن يكونَ قد سَمِعَ عنه أو تابعَهُ بشغفٍ أكيدٍ على إحدى محطات التلفزة.اختزنَ ضيفُنا، منذ تخرّجِه من جامعتنا الوطنية، متسلحاً بثقافةٍ لغويةٍ مثلَّثةِ الأبعاد، كَمّاً هائلاً من المعلومات، جنّدَها طَوالَ مسيرتِه الصِحافية في تحاليلِه السياسية.

أضاف: كانت باكورةُ نشاطاتهِ المِهْنية في “دار الصياد”، أعقَبَها بعملٍ في الوِكالةِ الوطنيةِ للأنباء، إلى أن حطَّ رِحالَهُ في جريدة “النهار”، منذ ما يقارب النصفَ قرن، متدرَّجاً فيها وصولاً الى احتلال أبرز عامودٍ على صفحتها الثانية، ألا وهو “الموقف هذا النهار”، الذي أصبح مرجِعاً للقرّاء المهتمين بالشأن العام في لبنان وفي الخارج. غير أنه لم يكتفِ بإتحافِ قرّائِه بمقالاتِه اليومية، بل تجاوزَ ذلك بإصدارِه لكتبٍ مميزةٍ ثلاثة، هي “ميشال عون حُلُمٌ أم وَهم”، أصدرهُ منذ ثلاثين عاماً. وفي عنوان هذا الكتاب دلالةٌ على رؤيويتِهِ، وأتبعَهُ بـ “سيرة العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله”؛ ومنذ بضعةِ سنواتٍ، بكتابه الثالث “من مزيارة إلى واشنطن حين تستفيق الذاكرة”.

 

وقال: أنا لا أدّعي تملُّكي من أي حِسٍّ يسمحُ لي بتقييمِ صِحافيٍ ما من خلال كتاباته. غير أن تحليلات سركيس نعوم المعمَّقة تتمتع بصدقيةٍ كونه يَبنيها على معطياتٍ موضوعيةٍ لا تشوِّهُها تبَعياتٌ سياسية. أما إذا تكشّفَتْ، عن تطوّراتٍ تالية لمقالٍ له، حقيقةٌ تجافي ما يكون قد كَتَبَهُ، فغالباً ما يعود ذلك إلى تبدُّلِ الرياحِ السياسية محلياً أو إقليمياً أو عالمياً. فهو لا يتكل على خبرٍ من هنا أو آخرٍ من هناك، وحتماً وقطعاً لا يتأثر بشائعةٍ من هنا وأخرى من هناك. وهو يكبِّد نفسَهُ عناءَ الانتقالِ سنوياً إلى عاصمةِ القرارِ العالمي، أي واشنطن، ليَشفيَ غليلَهُ الاستطلاعيّ من أفواهِ المسؤولينَ والمطلعين الذين يلتقيَهم. وبالتالي، تأتي كتاباتُه وتحليلاتُه أقرب ما يمكن إلى الواقعِ السياسي الحقيقي.

 

ثم قال: اللافتُ في مقالاتِ نعوم في “النهار” أنها تشكّلُ بحدّ ذاتِها كتابَ تاريخٍ يعكِسُ بأمانةٍ التطوراتِ والتحولات، ليس فقط في لبنان والعالمِ العربي، بل حتى في العالمِ أجمع. يُوحي بالثقة، ويشكّلُ أنموذجاً فريداً من رجالِ الصِحافةِ غيرِ المتكسّبين، فهو لا يرضَخُ لأيةِ ضغوطٍ على قناعاتِه المترسّخةِ في عقلٍ مستقلٍ نيّر.ولا يُنَظّر الأستاذ نعوم في مناهضتِهِ للطائفيةِ البغيضة، علّةِ عِلَلِ لبنان، هو الذي تأهّلَ منذ اثنين وخمسين عاماً من شريكةِ حياتِه الفاضلة، السيدة هناء عضاضة. ومن المؤكَّدِ أن ابنَهما طارق وابنتَهما رلى وحفيداتِهما الأربع سوف يحافظون على الإرثِ الوطني الذي ترعرعوا في كنفهِ.

وختم: الوهمُ الذي نعيشُهُ في وطنِنا “الرسالة” المظلوم لا تُزيلهُ طوباويةٌ من هنا وأخرى من هناك؛ وانتَ الادرى بخفايا الأمورِ التي آلتْ بنا اليوم الى ما نحنُ عليه من بؤسٍ ما بعدَه من بؤسِ، بسبب طُغيانِ أولياءِ امرِنا الاشاوس.

منجد

وتحدث رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد مرحبا بالصحافي والكاتب سركيس نعوم وبالزملاء الإعلاميين أصحاب

أصحاب الكلمة والرأي الحر الذين تساهمون كل في ميدان عمله الصحافي والإذاعي والتلفزيوني لرفع هذا الكابوس المخيّم على بلدنا منذ اشهر بل سنوات ، ولتبديد هذه الغيوم السوداء في سماء هذا الوطن المعذّب، ولتمكين شعبنا الحر الأبي من إستعادة حياته الحرّة الكريمة ، وقبل كل شيىء لعودة الطمأنينة لهذا الوطن وأهله.

 

لقد دفعتم وما تزالون مؤسسات وأشخاصا وكفاءات وأصحاب قضية وثوارا حيثما كنتم الثمن غاليا ، منّا من إستشهد على متراسه في وجه العدو ، أو إنتهت حياته في تفجير هنا أو هناك ، ومنّا من صمد وضحّى وواجه وإغتيل ، أو ما يزال كما هو حال العديد من العاملين في شتى المؤسسات الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية ، وفي مقدمها مؤسسة أو “مدرسة النهار” الغرّاء التي دفعت الثمن غاليا ، فهل ننسى صاحبها الوزير والكاتب غسان تويني الذي سُجن يوما وهو وزير، فقط لأنّ من كان في السلطة لم يعجبه مقاله الذي كاشف فيه اللبنانيين حول حقيقة ما يجري في البلد ، أو عندما دفع نجله جبران أيقونة 14 آذار حياته ثمن الإيمان بوحدة لبنان وأرضه ومؤسساته ؟ وماذا عن شهيد لبنان وعروبته الكاتب سمير قصير ؟.

 

وماذا عن كل من سبق هؤلاء أو لحق بهم من الشهداء جورج حاوي، وليد عيدو، محمد شطح، باسل فليحان، بيار الجميل وغيرهم وغيرهم وصولا إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولقمان سليم : تُرى هل شبع المجرم وإرتوى من دمائنا أم إننا نمضي على طريق الشهادة ايضا ؟ .

لما لا ؟ وها هي بلادنا مرّة جديدة تبدو كالواقفة على حافة الإنزلاق إلى حَمّامات الدم بعد أن إستقرّ بها المقام في قاع الهاوية.. كل ذلك ندفعه ثمنا لتشبّث بعضهم بأفكار بالية ومواقف فارغة من أي مضمون .

وكأنّه كُتب على اللبنانيين أن يعيشوا كل عشر سنوات كابوسا من الشقاء والقتل والدمار مما يجعلنا نشك في ما قيل سابقا بأنّ لبنان بلد َ الرسالة، لبنان لا ولم يكن كذلك بفعل إرتكابات الكبار ممن حكموا ويحكمون هذا البلد.

وهاهو الرئيس اللبناني إميل إدّة كتب في عهد الإنتداب الفرنسي يقول : نحن لسنا شعبا واحدا.. نحن مجموعة طوائف، وكل طائفة لديها الدولة المُرشدة منّا من يرى لبنان موطنَ أرز الرب ، ومنّا من يراه قِببا ومآذن.ِ

فلنترك ، والكلام لإدّة ، الفرنسيين عندنا يعلموننا كيف نكون شعبا يستطيع بناء دولة، وإلآ فنحن ذاهبون للإقتتال .. كلّ عشرين سنة .. إنتهى كلام إدّة .

وأختم : نعم وللأسف نحن بتنا نتقاتل كلَ عشر سنوات ، ولم يعد لدينا فَترة إستراحة بين “الماتشات” الدموية.

وكلمتي لجماعة وأعضاء المنظومة الحاكمة ،عندما تريد أن تسرق ، لا تسرق حليبا ورغيف خبز وحفاضات لأن إسمَك بصير حرامي ! ؟ بل إسرق وطنا بصير إسمُك زعيم ، بالإذن من الكاتب والمفكر الماغوط. 

أيها السادة، لا إصلاح ، لا إستقرار، ولا هدوء إلا عندما نعود إلى الكتاب أي الى الدستور و إلى مضمون مؤتمر الطائف لنزيل الشوائب ولنصفّي النيات ولنبتعد نهائيا عن التكاذب على بعضنا البعض.. بلدنا لم يعد يحتمل، شعبنا شبع من الإقتتال ومن التنافر ومن التباعد، لتعد المناطق إلى حالة الإنفتاح على بعضها البعض، لنُلغي من نفوسنا قبل نصوصنا القانونية وسواها كل ما يتعارض مع وحدة الصف، مع تطابق الرؤى والأفكار وكل ما يُعيق وحدتنا الوطنية، التي لا بديل عنها لا اليوم ولا غدا ولا في المستقبل الآتي.. تضامُننا طوائف ومذاهب ومناطق هي وحدها التي تصون حياتنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا وتحول دون غرقهم في بحار الموت تفتيشا عن وطن آخر .

فوطننا النهائي هو هنا على إمتداد مساحة لبنان شرط التمكّن من شبك أيدينا والعمل سوية لديمومة لبنان الذي يُبنى اليوم من جديد.

 نعوم

وتحدث نعوم عن نشأة لبنان منطلقا من التأسيس الأول الذي ترافق مع الأحداث المأساوية التي عصفت بمنطقة جبل لبنان وإندلاع الإشتباكات الطائفية بين الدروز والنصارى والموارنة على خلفية الصراعات على موارد العيش وخشية تكاثر هذا الطرف أو ذاك وتحكمه بمنطقة الجبل الأمر الذي اسفر عن قيام حكم القائمقاميتين واحدة درزية وأخرى مسيحية لتعود هذه الإشتباكات وتندلع في العام 1860 كحرب ضروس إنتهت بعد اربع سنوات بتدخل عسكري اوروبي وعثماني أوقف الحرب وأنشأ نظام متصرفية جبل لبنان التي إستمرت لغاية إندلاع الحرب الكونية الأولى، والتي أعقبها قيام لبنان الكبير 1920 الذي كان مواليا لفرنسا، وبالرغم من مشاركة العائلات الدينية كلها في قرار إنشاء هذه الدولة فإن النفوذ الاقوى فيها والقرار الأفعل كان في يد رئيس جمهوريتها المسيحي الماروني صاحب الكلمة الأولى في الحكومة وفي المؤسسات والإدارات المدنية والعسكرية والسياسية.

وتناول الحقبة التي أجرى فيها الإنتداب الفرنسي إحصاء سكانيا لمعرفة عدد اللبنانيين وتوزعهم على الديانات أي المسيحية والإسلام كما على الطوائف والمذاهب، ليعقب ذلك إحصاء سكاني آخر في العام 1943 تاريخ إستقلال الدولة حيث بدأ القلق يسود المسيحيين من إمكانية تفوق المسلمين على المسيحيين عدديا، الأمر الذي أدى إلى إشتعال حرب إستمرت حوالي 15 سنة ذهب ضحيتها أكثر من 200 ألف قتيل.

وتساءل نعوم: من أنهى الحرب؟ ظاهرا إتفاق وضعه أعضاء مجلس النواب اللبناني أو من بقي منهم على قيد الحياة عام 1989 وإطلعت عليه دول عربية مهتمة بلبنان أبرزها السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وسوريا.

ولفت إلى أن سوريا الاسد الأب قد أنهت الحرب ونزعت سلاح الميليشيات أو تسليمها إياه طائعة إلى الدولة أو بيعه إلى الخارج علما أنّ فريقا واحدا إحتفظ بسلاحه الكامل، لا بل عززه هو” حزب الله”.

وأشار إلى أن سوريا الأسد حرصت على عدم تنفيذ البنود التي تضع لبنان على سكة الوحدة الوطنية الحقيقية وتُعيد بناء دولته الفاشلة، وإن ما حصل كرّس إنقسام شعب لبنان الواحد في رأيي شعوبا وتنافسها بل تقاتلها على المكاسب الفئوية والسياسية.

وتابع: رغم تبجّح البعض في كل الطوائف والمذاهب بأن ما يحركهم هو وطني فقط، غير أنهم أسرى التعصب الديني على أنواع المذاهب وأسرى العشائرية والقبلية والمصلحية السياسية وحتى المصلحية الإقتصادية.

وطرح نعوم رؤيته للحل الممكن وهو يقوم على تنفيذ إتفاق الطائف و بسرعة ، اي الإتفاق على مباشرة إلغاء الطائفية السياسية بنص يجعل إنتخابات مجلس النواب من دون قيد طائفي، ويُلغي قانون الإنتخابات الحالي ويُقر قانونا يقوم على الدائرة الصغرى ويتخلّى عن النسبية لأنها وفي ظل إستشراء الطائفية والإنقسام وغياب الأحزاب الوطنية لا تُفسح في المجال امام تمثيل صحيح وبنسبة كبيرة للبنانيين، ثم يُقر قانونا آخر بتأسيس مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف والمذاهب بالتساوي على أن يتم إنتخاب رئيس الجمهورية في إجتماع مشترك للمجلسين وأن يتولى المجلسان درس مشروع قانون الموازنة بطريقة تجعل المجلسين يمثلان العلمانيين والمدنيين أو غير الطائفيين وأيضا ممثلي الطوائف والمذاهب، داعيا إلى إعتماد اللامركزية الموسعة من دون ان تكون قناعا لفدرالية أو لاحقا لتقسيم البلاد.

وفي الختام جرى نقاش وحوار بين الحضور والمحاضر حول القضايا التي تم طرحها ، وقدّم الدكتور زريق درعا تقديرية للصحافي نعوم، وأقيم حفل كوكتيل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal