دول وجهات تعيد علاقاتها مع سوريا.. ماذا ينتظر لبنان؟… عبدالكافي الصمد

موقفان لافتان تصدّرا الإهتمام في المنطقة بخصوص العلاقة مع سوريا، الأوّل جاء من تركيا على لسان رئيسها رجب طيب إردوغان، والثاني تمثّل في موقف رسمي لحركة حماس، دلا أنّ ثمّة متغيّرات حدثت وأخرى على وشك الحدوث من شأنها أن تقلب المواقف والعلاقات في المنطقة رأساً على عقب، وأنّ هذه المتغيّرات تعتبر فرصة لا تفوّت للبنان “الرسمي” من أجل اغتنامها تمهيداً لإعادة ترتيب علاقاته مع سوريا على نحو طبيعي.

فقد كشفت صحيفة “حرييت” التركية الموالية للحكومة أنّ إردوغان أبدى رغبة في لقاء نظيره السّوري بشّار الأسد لو حضر قمة شنغهاي في أوزبكستان، التي عقدت الأسبوع الماضي، لكن أشار إلى أنّ “الأسد ليس مشاركاً في القمّة”.

ومع أنّ البعض حاول أن يعطي كلام إردوغان منحى غير الذي أعلنه، وتفسيراً مختلفاً، فإنّ توقيت كلامه جاء في حين كان رئيس الإستخبارات التركية حقان فيدان، المقرّب من الرئيس التركي، يجري في دمشق لقاءات مع رئيس جهاز الأمن القومي السّوري اللواء علي مملوك، ما أكّد أنّ الموقف الذي أعلنه إردوغان يصبّ في إطار سعي بلاده لتطبيع علاقاتها مع سوريا، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأحداث التي شهدتها سوريا قبل أكثر من عقد من الزمن.

أمّا الموقف الثاني فتمثل في إعلان حركة حماس قرارها العودة إلى سوريا، وإنهاء سنوات القطيعة مع دمشق التي “احتضنت شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاوِمة لعقود من الزمن”، وفق ما جاء في بيان الحركة، التي أكّدت قرارها “بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة، خدمةً لأمّتنا وقضاياها العادلة، وفي القلْب منها قضية فلسطين، ولا سيّما في ظلّ التطوّرات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمّتنا”.

موقفا تركيا وحماس جاء بعد متغيّرات عدّة شهدتها سوريا والمنطقة في السّنوات الأخيرة، دفعهما كما دفع دول أخرى غيرهما مثل الإمارات والبحرين وغيرهما، إلى إعادة علاقاتهما مع دمشق، وسط إندفاعة لافتة لدى هذه الدول في إعادة وصل مع انقطع مع سوريا، بالرغم من الشّوائب وسنوات العداء والخصومة التي اتصفت بها علاقاتهم مع سوريا منذ اندلاع شرارة الأحداث فيها عام 2011.

لكنّ اللافت برغم كلّ ما يحصل، فإنّ لبنان يبدو غائباً أو متقاعساً عن إعادة المياه بينه وبين سوريا إلى مجاريها، وهو الذي كان عليه أن يكون سبّاقاً بين كلّ هذه الدول والجهات في هذا المجال، نظراً لروابط الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المميزة التي تجمع البلدين، والملفات الكثيرة التي يجب بحثها بينهما، من اللاجئين إلى الأمن والتبادل الإقتصادي، وأنّ سوريا تعتبر المتنفّس الوحيد إقتصادياً للبنان (للدول والجهات الأخرى أكثر من متنفّس، ومع ذلك تنفتح على دمشق)، ويمثل عمقها العربي والقومي، ومن دونها فإنّ هذا العمق للبنان ينقطع كليّاً، وإدارة البلد ظهره لسوريا في سنوات سابقة، جعله يبدو وكأنّه يحاول أن يخنق نفسه بنفسه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal