بعد معمل دير عمار الحراري لإنتاج الطاقة الكهربائية والذي توقف عن العمل وخرج عن الخدمة يوم الأحد الماضي، بسبب نفاد مادة المازوت لديه، جاء دور نظيره معمل الزهراني ليلقى المصير نفسه بعد مرور خمسة أيّام.
فقد أفادت مؤسسة كهرباء لبنان أمس بأنّه “سوف يتم وضع معمل الزهراني قسرياً خارج الخدمة بعد ظهر يوم الجمعة الواقع فيه 26/08/2022 (اليوم)، جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدّي إلى توقّف إنتاج الطاقة على كافة الأراضي اللبنانية، على أن يُعاد تشغيل معامل الإنتاج فور تزويد المؤسّسة بالمحروقات في أقرب فرصة ممكنة”.
وزاد الطين بِلة أنّ مناقصة إستلام الشحنة الأخيرة من الفيول العراقي التي كان يفترض أن تُسلّم في شهر آب الجاري وسوف تتسلّمها مؤسسة كهرباء لبنان في النصف الأول من شهر أيلول المقبل، قد أطلقت يوم أمس، ما يعني بأنّ خزّانات معملي الكهرباء الرئيسين في لبنان، ديرعمار والزهراني، ستبقى فارغة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على أقلّ تقدير، وأنّ العتمة ستكون رفيقة اللبنانيين خلال هذه الفترة.
ومن أجل الخروج من هذه الازمة غير المسبوقة، أعلن وزير الطاقة والمياه وليد فياض أمس، أنّه بتوجيه من رئيس الحكومة “أُعطيت الموافقة لمؤسّسة كهرباء لبنان على استخدام جزء من الفيول “غرايد ب” المخزّن في معملي الجية والذوق، والذي يقدر بـ40 ألف طن، بهدف تفادي الوقوع في العتمة الشاملة مع قرب نفاد مادة الغاز أويل لزوم تشغيل معمل الزهراني”، مشيراً إلى أنّه “سيتم استخدام مادة الفيول لتشغيل المعامل الحرارية القديمة في الجية والذوق، والتي ستشغلهم مؤسّسة كهرباء لبنان في نهاية الأسبوع، إلى حين وصول شحنة الفيول العراقي في منتصف الشهر المقبل”.
هذا التوصيف للوضع الذي آل إليه وضع قطاع الكهرباء في لبنان أقل ما يقال فيه إنّه معيب، وأنّه يدلّ على حجم الإستلشاق في إدارة مؤسسات الدولة، وحجم الفساد الذي انتشر في جسمها فأصابها بالشلل التام، بعدما تحلّلت واهترأت، ويعطي إنطباعاً عن حجم المعاناة التي يعيشها اللبنانيون هذه الأيّام بسبب وجود طبقة سياسية حاكمة غارقة في الفساد من رأسها إلى أخمص قدميها، ولا يهمها سوى تحقيق مصالحها ومصالح حاشيتها ولو على حساب المواطن ومصير ومستقبل الوطن برمته.
إذ كيف لبلد صرف أكثر من 45 مليار دولار على قطاع الكهرباء ولا يوجد فيه لمبة مضاءة إبتداءً من الغد، وكيف يمكن تفسير أنّ شحنات الفيول التي تصل عبر البواخر إلى لبنان تكفي شهراً مثلاً حسب قول المسؤولين، ثم يتبين بعد أسبوع إلى 10 أيّام على الأكثر بأنّ الفيول قد نفد، علماً أنّ التغذية بالتيّار لم تتضاعف او تزيد ساعة واحدة، بل أحياناً تتراجع وتنقص، فأين تبخّرت كميات الفيول التي تستوردها الدولة، وهل الذي صرف 45 ملياراً في قربة مثقوبة سيغصّ بشحنة فيول؟
Related Posts