يُدرك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن حظوظه في الوصول الى رئاسة الجمهورية تتضاءل الى حدود العدم، إنطلاقا من عدم وجود حليف له في مجلس النواب، ومن أن أكثرية الكتل النيابية والنواب التغييريين والمستقلين يرفضونه بشكل مطلق، فضلا عن العقوبات الأميركية التي ترخي بثقلها عليه، والتي تشير المعلومات الى أن فريق المحامين المكلف من قبل باسيل قد أبلغه بأن رفعها بات مستحيلا قبل موعد الاستحقاق الرئاسي في 31 تشرين الأول المقبل.
كما بات باسيل على قناعة بأنه غير قادر على مواجهة الرئيس نجيب ميقاتي المحصّن تصريفا وتكليفا والقوي في طائفته وشارعه، وبالتالي فإن حلم تشكيل حكومة على قياسه تمكنه من إجراء التعيينات والتشكيلات التي يطمح إليها لتمديد نفوذه السياسي الى العهد الجديد ليحافظ على حضوره فيه، قد تحول الى “سراب يحسبه الظمآن ماء”.
وأيضا يدرك باسيل أن تأثيره في الاستحقاق الرئاسي المقبل بدأ يضعف ويتلاشى، خصوصا بعد المعلومات التي تسربت حول أن شروطه للسير بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية تتضمن وضع يده على مفاصل الدولة من خلال تعيينات تشمل عدد كبير من المراكز والمناصب الحساسة مسيحيا، الأمر الذي لا يقبل به فرنجية إنطلاقا من رفضه تطويق عهده بالشروط، ودخول باسيل شريكا مضاربا معه في الحكم.
وبات معروفا أن أية تسوية رئاسية قد تحصل وتفضي الى إيصال مرشح غير فرنجية، فإنها ستكون بين دول كبرى، وبالتالي لن يكون لباسيل دور فيها.
هذا الواقع، يُربك باسيل الذي بدأ يفتش عن مخارج لتلك الأزمات التي يواجهها والتي من شأنها أن تنهي حياته السياسية في حال تمكن مجلس النواب من إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بمعزل عنه، حيث سيتحول لاحقا الى فريق سياسي ضمن المعارضة لا تأثير له في الاستحقاقات الهامة لا سيما تشكيل الحكومة التي كل ما يمكن أن يفعله تجاه عدم تلبية رغباته فيها، هو مقاطعتها وعدم منحها الثقة.
لذلك، فإن باسيل يسعى إعادة خلط كل الأوراق الحكومية والرئاسية، عبر منع تشكيل الحكومة لا سيما تلك المتواجدة تشكيلتها في درج رئيس الجمهورية والامعان في التعطيل، وإستهداف الرئيس المصرِّف والمكلّف بحملة منظمة، متزامنة مع عمل لا يتوقف في مطبخ قصر بعبدا إجتهادا في التفتيش عن فتاوى دستورية تحول دون تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال في حال لم يصر الى إنتخاب رئيس جديد، كونها ليست كاملة الأوصاف، وهو أمر يشكل إعتداء جديدا على الدستور، ويضع الرئيس عون في موقع المفرّط فيه بعدما أقسم في أول ولايته على الحفاظ عليه، كما يؤدي الى أزمة مفتوحة من الفراغ الرئاسي من شأنه أن ينعكس مزيدا من المعاناة اليومية على اللبنانيين.
تشير المعطيات الى أن هذا السيناريو يدغدغ عقل باسيل، خصوصا أنه يُبقي الرئيس عون ضمن المعادلة السياسية كونه رافض إعطاء صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال، ويبقيه معه كمفاوض عنه، حيث يأمل باسيل أن تتبدل الظروف سواء في المنطقة أو بما يتعلق برفع العقوبات الأميركية عنه، وأن ينتج عن هذه الأزمة المفتوحة تسوية علّ ذلك ينعش حظوظه في أن يكون أحد المرشحين المطروحين، بدل أن يبقى مستفردا ومستبعدا في حال تم إنتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية.
Related Posts