لا تبدو في الأفق بوادر حل لأزمة بلدية طرابلس التي منذ إنتخاب مجلسها في العام 2016 وهي تتخبط في صراعات وإشكالات ونشر غسيل وتبادل إتهامات حالت كلها دون قدرتها على القيام بأي مشروع في المدينة التي لا يتذكر أهلها أن لديهم بلدية إلا عندما تتحدث وسائل الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي عن خلافات أعضائها التي وصلت في إحدى المرات الى التضارب وتبادل الشتائم وإطلاق النار داخل قاعة الاجتماع.
لطالما ردد البعض أن “النهر الذي في أوله لا يجر أخشابا في آخره لا يجر أعشابا”، وهذا يعني أن المجلس البلدي في طرابلس الذي لم يستطع أن يفعل شيئا على مدار ست سنوات في ظل رئيسين تعاقبا عليه هما أحمد قمر الدين ورياض يمق، لن يستطيع أن يفعل شيئا في السنة الممدة له ولو تم إنتخاب رئيس ثالث له، خصوصا أن وكما بات واضحا أن العطب ليس في الرئيس وحده وليس في الأعضاء وحدهم، بل العطب هو في تركيبة المجلس الذي يفتقد الى الرؤية الخدماتية والانمائية والى خطط النهوض بالمدينة، ويتلهى أعضاءه في تصفية الحسابات الشخصية وفي تسجيل النقاط، والانتقام من بعضهم البعض.
لم يعد أحد في طرابلس قادرا على تحمل هذا المجلس البلدي، ولم يعد أحد يستطيع تحمل الدخول في تجربة رئاسية جديدة لأي من المرشحين، خصوصا أن المهندس أحمد قمر الدين الذي إنتخب في العام 2016 بـ16 صوتا من أصل 24 لم يهنأ في الرئاسة حيث بدأت الأزمات تعصف بولايته والاعتراضات تسيطر على كل قراراته ما فرض شللا في العمل البلدي إستمر حتى منتصف الولاية، حيث تم سحب الثقة من قمر الدين وإنتخاب الدكتور رياض يمق خلفا له بـ12 صوتا من أصل 22 صوتا، ولم تمض أشهر قليلة حتى عادت الخلافات لا بل إستفحلت وتنامت وصولا الى التعطيل الكامل.
اليوم، وبعد سحب الثقة من الدكتور يمق الذي يعتبر أن الجلسة التي عقدت في مكتب محافظ الشمال رمزي نهرا غير قانونية وتشكل تحديا لمجلس شورى الدولة الذي أبطل قرار وزير الداخلية بسام مولوي في عقد جلسة لانتخاب رئيس ونائب رئيس للبلدية، وهو سارع عبر وكلائه القانونيين الى تقديم طعن بنتائج هذه الجلسة، من المفترض أن يصار الى إنتخاب رئيس جديد لن يكون مصيره أفضل من قمرالدين ويمق (علما أن الأول مرشح قوي للعودة الى منصبه)، خصوصا أن المجلس البلدي يضم مجموعة كبيرة من المسترئسين الذين قد يخضعون الى خيار الأكثرية في الانتخابات، قبل أن يعودوا الى رفع المتاريس والى المعارضة التي تضع العصي في دواليب قطار العمل البلدي.
أمام هذا الواقع، تشير المعطيات الى أن بلدية طرابلس قد تكون مقبلة على أزمة أكبر بكثير ليست في الحسبان، وهي وجود رئيسين لها، حيث من المفترض أن يجتمع أعضاء المجلس في مكتب المحافظ يوم الاثنين المقبل لانتخاب رئيس جديد بعد سحب الثقة من الدكتور رياض يمق الذي تقدم بطعن الى مجلس شورى الدولة بجلسة الاثنين الفائت..
فماذا لو تم إنتخاب رئيس جديد للبلدية الاثنين المقبل، وتزامن ذلك مع قرار لمجلس شورى الدولة يبطل نتائج جلسة سحب الثقة، عندها سيكون هناك رئيسان للبلدية ما قد يؤدي الى إنقسام عامودي بين أعضاء المجلس البلدي الذين سيلتف كل فريق منهم حول رئيس، أو ربما يؤدي ذلك الى ما لا يحمد عقباه، خصوصا أن للمجلس سوابق في الاشكالات والتضارب وإطلاق النار.
Related Posts