سؤال من دون جواب!… وهيب ططر

السؤال الذي يطرح نفسه عفوا، يكمن في قعر البحر الأبيض المتوسط، الذي وجب تغيير اسمه ليصبح البحر الأحمر المتوحش، وذلك بالنظر الى كمية دماء وأرواح اللاجئين العرب الذين ابتلعهم، منذ بدء الربيع العربي الذي وجب ايضا استبدال اسمه وجعله، شتاء العرب، وزمهرير الشعوب الناطقة بالضاد.

كنت قررت ان احجم عن الكتابة، منذ اخر مقال نشرته لي صحيفة “سفير الشمال”، كان ذلك غداة إصابة زوجتي برصاصة مطاطية اثناء مشاركتنا في تظاهرة الثامن من أب 2020 في وسط بيروت بعد أن دمر انفجار “الامونيوم العام”، منزلي في الجميزة ونجونا انا وعائلتي من الموت المحتم فيما لو كنا في المنزل لحظة وقوع الانفجار… واذا بـ “فلوكة الموت”، تغرق قبالة جزيرة المرحوم ابو أحمد الفنار ليل 23 نيسان 2022 .

وبما انني مرشح للانتخابات النيابية في طرابلس، وردتني رسالة من صديقي “المحب” غسان ريفي، ينصحني بان احجم قليلا عن نشاطي الانتخابي لان الشارع الطرابلسي غاضب!

فاجبته بشكل عفوي :

لماذا؟!

انا “سبري بسبر يلي غرقوا”

لا انا ركبتهم بفلوكة الموت!

ولا انا غرقتها !

الله يرحمهم زعلان عليهم وعلينا وللحالة يلي وصلنالها !!!

من بعدها وردني من امرأة اعرفها، كنت اعتقد انها صديقة، تتضمن صورة لمركب فاخر مكتوب عليه عبر تطبيق الفوتوشوب، ان مالك هذا المركب هو الرئيس نجيب ميقاتي، وأن هذا الأخير هو من أغرق ركاب “الفلوكة” المتوجهة الى إيطاليا في قعر البحر الأحمر المتوحش!

تبع رسالة الفوتوشوب، مؤتمر صحفي عقده قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني صديق طفولتي، ورفيق صفوف الدراسة في مدرسة الفرير طرابلس، العميد هيثم ضناوي يشرح بموجبه تفاصيل الحادثة الملعونة والمشؤومة، حيث قال ان طول فلوكة الموت هو عشرة امتار، وانه كان يركب فيها قرابة الثمانين مواطنا بينهم نساء واطفال!!

هنا بكيت، لانني استطيع ان اكذب الكثيرين، الا صديقي هيثم، والذي ابكاني هو الصورة التي رسمها خطاب هيثم في خيالي، لهؤلاء الناس الذين قبلوا ركوب الموت، عملا بالمثل الطرابلسي: “شو عايزك للمر الا الامر منو”.

ما حصل معي، دفعني لان استل قلمي الذي كاد حبره ان يجف، وان اكتب هذه السطور المبللة بدموع تنهال على الورقة، حزنا وقهرا على الفقراء الذين باعوا ممتلكاتهم البسيطة ليحجزوا لهم ولاولادهم بطاقة سفر في فلوكة الموت التي غرقت بهم، في قعر بحر اعرف تفاصيله من كثر ما غطست فيه ايام طفولتي وشبابي.

قررت ان اكتب فبدأت بالقراءة واول ما قرأت كانت مقالة للزميل الكريم الدكتور نبيل شديد آغا المنشورة في جريدة الجمهورية بعنوان، بين الواقع والقانون، اذ نجح من خلالها بوصف الفقر الذي تزنرت به طرابلس منذ الاستقلال، وبؤر الفقر التي باتت تشكل قنابلا موقوتة، لانعدام التجانس الاقتصادي لسكان الفيحاء.

ويختم الدكتور الآغا، بأن اليوم وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية بصورة غير مسبوقة، باتت هذه القنابل جاهزة لتنفجر اذا لم يتم سريعا معالجة هذا الواقع قبل ان تنفلت الأمور!

كل ما ورد اعلاه وضع في حجري سؤال كبير لم أجد له إجابة، علها مختبئة عند أحد قراء هذه المقالة …

وسؤالي هو :

لماذا ركب اللبناني فلائك الموت؟ لماذا الانطلاق فقط من مدينة طرابلس؟ اولا يوجد مراكب ومرافئ صيد في انفة وشكا والبترون والبوار والصفرا مرورا بجونية وبيروت وصولا الى صيدا فصور فالناقورة؟؟ لماذا المسؤول هو دائما نواب طرابلس وهم ثمانية من أصل 128 ؟ ما هذه الهجمة على مدينة تحاول ان تعبر عن وجعها في انتخابات تمتد من العبّودية الى الناقورة! لماذا المشاكل تحدث فقط في طرابلس (كسرقة كراسي الحرفوش)؟ هل لأنها مدينة يتيمة الاب منذ اغتيال رشيدها؟ هل لان نجيبها مؤدب ولا يمتلك انكشارية أمثال ابو خشبة؟.

سؤال طويل عريض، لا امتلك الإجابة الكاملة عليه لكبر حجمه.. سؤال يجعلني بحالة بحث وتأهب، بحث عن حلول ودواء لمدينتي ولأهلي واخواني، وتأهب للدفاع عنها بكل ما لدي من قوة منحني اياها الله سبحانه وتعالى .

الكاتب: المحامي وهيب ططر (مرشح عن المقعد السني في طرابلس على لائحة لـ”الناس”)

المصدر: سفير الشمال


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal