لمناسبة شهر رمضان المبارك يسرّ جريدة “سفير الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد..
جامع طينال
يعتبر جامع طينال في طرابلس أحد أجمل وأفخم جوامع لبنان، وقد بناه الأمير سيف الدين طينال الحاجب في العصر المملوكي وسط بساتين الليمون التي كانت تحتضنها الفيحاء في منطقة باب الرمل، عام 1336 ميلادي، على انقاض كنيسة صليبية كانت مهدمة بعد فتح طرابلس بقيادة السلطان المنصور قلاوون.
وحرص الأمير طينال على أن يكون طراز الجامع مشترك بين العمارة المملوكية والطراز البيزنطي والفن المغربي، وهو يتألف من باحة رخامية بجانبها 4 حجرات كانت تستخدم لمجالس قضاة طرابلس في عصر المماليك: الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي.
لجامع طينال بيتان للصلاة، الأول تعلوه قبة ضخمة تقوم على 4 تيجان بيزنطية تقام على أربعة أعمدة رخامية ضخمة، وبيت فيه المحراب والمنبر الخشبي والتختية الخشبية والقبة الأساسية والعقود الحجرية، وما بين بيتيّ الصلاة بوابة تتميز بروعة زخارفها ونقوشها وتشبه الى حد بعيد بوابات مساجد القاهرة المملوكية.
في الباحة الخارجية للجامع يوجد بركة مربعة الشكل للوضوء تقوم على ارضية مرتفعة عن ارضية الباحة، ومنبر حجري ومساحة واسعة من العشب الأخضر تستخدم للصلاة في الهواء الطلق، خلال فصل الصيف.
تعتبر مئذنة جامع “طينال” فريدة من نوعها في العالمين العربيّ والإسلاميّ، فيها سُلَّمان حجريّان فوق بعضهما يُفضي أحدهما إلى خارج الجامع، والآخر إلى داخله، ولا يلتقي الصاعدان فيهما أبداً. والعنصر الأكثر غرابة في المئذنة أن تصميمها الخارجي يشبه الى حد كبير أبراج القلاع الدفاعية.
حتى فترة بدايات القرن الماضي، كان موقع جامع طينال يُعتبر بعيداً عن المركز المأهول في مدينة طرابلس. لهذا السبب أدخل المهندس المملوكي خصائص دفاعية وعسكرية عديدة أثناء بنائه، حتى يكاد مسجد طينال يشبه إلى حدٍ بعيد تصميم القلاع والحصون. فالبوابات المتتالية لحرمي المسجد تؤمّن مقداراً عالياً من الدّفاع ضدّ أية محاولة لاحتلال المسجد، كما تحتوي جدران المسجد على ممرات سرّية مما يُعطي للعاملين وحرّاس المسجد فرصة للاختباء بداخلها، وبالتالي يتحوّل هؤلاء من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم المباغت على أيّ دخيل.
Related Posts