قبل ثلاثة أيام مرت الذكرى السابعة والأربعين للحرب في لبنان وسارع الكثيرون ممن حفرت تلك الحرب في ذاكرتهم أكثر من مأساة إلى ترداد العبارة الشهيرة: “تنذكر وما تنعاد”. ولكن المؤسف لا بل المؤسف جداً، أن ما يجري في هذه الأيام على الأرض اللبنانية يتطلب البكاء والنحيب على شعب لم يتعلم الدروس من ماضيه ومن مآسيه وما تركته سنوات الحرب والإقتتال من أثلام على وجهه.
كل قوانين الحكم ودساتير الدول تنص على ان الإنتخابات (باهدافها المتعددة الرئاسية او النيابية أو الإختيارية أو النقابية) وبأي شكل كانت (أكثرية أو فردية أو تفضيلية أو نسبية) ما هي الاّ مسار ديمقراطي في المجتمعات يعكس مدى رقي الشعب الذي يمارس هذا التنظيم المجتمعي الاّ أنها في لبنان (وعلى شاكلة الدول المتخلفة جداً ) تحولت إلى مناسبات لتدني المستوى الأخلاقي وامتهان الاساليب التي تمت إلى جميع أنواع الموبقات.
فبدل ان يعمد المرشحون (باستثناء قلّة منهم) إلى سلوك طرق طرح المشاريع التنموية والأفكار التي تدفع المجتمع إلى التخلي عن كل ما يمت إلى الجهل بصلة يطل معظم المرشحين في لبنان بمختلف أنواع الأسلحة الكلامية الهجومية (بتعدد ألاعيرة) وبظنهم ان هذا الاسلوب يريح المستمع والمقترع ويدفعه بالآتجاه الذي يرغب به مطلقه متجاهلاً أن هذا المستمع أو المقترع قد ملّه وملّ طريقة تفكيره منذ عقود.
وبدل أن يعلن المرشحون برامجهم الانتخابية على خلفية مشاريع قوانين تستهدف تحسين الحياة المجتمعية للمقترعين، يلاحظ أن العديدين منهم ما زالوا يلجأون إلى الشعارات الطنّانة والوعود الرنّانة التي مجّها هذا المجتمع الذي دمره الفساد وشوهت صورته ما إعتمده مسؤولوه من طرق خارجة عن أي مألوف.
الى جانب كل ذلك ماذا يجري عملياً؟ يعمل الكثير من المرشحين على تسخير الشحن الطائفي والمذهبي بكل أنواعه الدنيئة، مضافاً إليه نكء الجراح، أو استعادة صفحات من الخلافات التى مضى عليها الزمن، لاستنهاض الشارع الانتخابي و”شدّ العصب”. فالمهم بالنسبة إليهم ليس الوسيلة مهما تضمنت من شوائب وإنما الهدف الذي يخدم المصالح الخاصة فقط لاغير.
فهل بهذه الأساليب تعتقدون انكم ستبنون وطناً يحلم به أبناؤه، أم انكم تستكملون الصيغة التي نشأتم عليها وهي التي أوصلت البلاد الى سابع جهنم؟.
Related Posts