يعزو مطلعون على الساحة الانتخابية عدم الحماسة لفتح المعارك على مصراعيها وتحريك الماكينات بطاقاتها القصوى في كل لبنان الى التخوف من امكانية تأجيل الانتخابات الذي سيؤدي الى ذهاب الجهود التي بذلت والاموال التي صرفت ادراج الرياح..
في الشكل لا شيء يوحي بتأجيل الانتخابات، فالحكومة مصرة على اجرائها ووزارة الداخلية تقوم بكل التحضيرات المطلوبة اداريا ولوجستيا، كما اقفل باب تسجيل اللوائح التي باشرت الاعلان عن نفسها وعن برامجها بلقاءات ومهرجانات وان كانت خجولة ولا ترتقي الى ما كانت عليه الانتخابات في العام 2018.
اما في المضمون، فثمة تحديات والف سبب وسبب لتأجيل الانتخابات وكلها منطقية وواقعية وممكنة، خصوصا بما يتعلق باقتراع المغتربين الذي سبق وشكل مادة خلافية حول الدائرة 16 التي اراد التيار الوطني الحر ابعاد اصوات ناخبيها عن الصناديق المحلية خوفا من المزاج المغترب الرافض لكل رموز السلطة، ويشكل اليوم قنبلة موقوتة قد تنفجر في ظل الحديث المتنامي عن عدم القدرة على تأمين الاموال اللازمة لهذا الاستحقاق، فضلا عن الصعوبات اللوجستية والاضرابات التي ينفذها السلك الدبلوماسي في الخارج ما قد يمهد لتأجيل تقني للانتخابات الى ان يصار الى حل هذه الازمة المستجدة.. علما، وبحسب متابعين فإن الحرب الاوكرانية – الروسية تربك اوروبا والمجتمع الدولي الذي يقول هؤلاء “ان حماسته تراجعت، اولا، لانشغاله بالحرب. وثانيا لاقتناعه بعدم امكانية التغيير بمجلس النواب، بعد التشظي الذي لحق بالثورة والمجتمع المدني وامعن في تقسيمهما الى عشرات اللوائح”..
هذا في الخارج، أما في الداخل فثمة عوائق عدة قد تحول دون اجراء الانتخابات، بعضها واضح وبعضها الاخر مستتر.
بات واضحا ان عددا كبيرا من القضاة يتجهون الى العزوف عن ترؤس لجان القيد لاسباب مادية واخرى ادارية، فضلا عن تهديد الاساتذة بالاضراب المفتوح ورفعهم شعار “لا امتحانات ولا انتخابات” الامر الذي سيؤدي حتما الى عدم اتمام هذا الاستحقاق.
اما المستتر من العوائق، فيتعلق في كيفية تأمين التيار الكهربائي لكل مراكز الاقتراع في الدوائر الانتخابية كافة، على مدار عشر ساعات على الاقل، في وقت لم يكشف فيه وزير الطاقة وليد فياض اية معلومات عن هذه التغذية المستجدة، فيما يطمئن وزير الداخلية بسام المولوي بأن التغذية ستؤمن لكن من دون الاعلان عن الالية التي ستتبع.
وكذلك التخوف من امكانية ان يلجأ المتضررون من اجراء الانتخابات الى افتعال ازمة محروقات ما قد يمنع كثيرون من الملتزمين بها من الذهاب الى مراكز الاقتراع.
ومن العوائق المستترة ايضا، امكانية اقدام العدو الاسرائيلي على مغامرة غير محسوبة النتائج بشن عدوان على لبنان بهدف الهروب الى الامام والخروج من ازمته الداخلية المتمثلة بالعمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيون والمواجهات اليوم التي تتنامى.
بالمقابل، لا شك في ان لبنان لا يعيش في جزيرة معزولة، وبالتالي فان الحرب الاوكرانية – الروسية تمهد لعالم جديد بموازين قوى مختلفة، وكذلك الاتفاق النووي في فيينا بين اميركا وايران، اضافة الى التقارب السعودي – الايراني والتطورات المتعلقة بالملف السوري والانفتاح الخليجي على القيادة السورية كل ذلك من شأنه ان يعيد تكوين المنطقة مجددا، فكيف يمكن للبنان ان يُجري استحقاقا انتخابيا في هذا الظرف الدقيق وان يعيد تكوين سلطته من دون انتظار نتائج التغييرات التي ستطرأ قريبا على المنطقة والتي من المفترض ان تحدد الوجهة التي سينضم اليها؟..
Related Posts