لم يكن أمرا عابرا أن تقاطع المملكة العربية السعودية ودول الخليج لبنان، ولم يكن أمرا سهلا إعادتهم إليه بهذه السرعة، خصوصا أن المقاطعة وصلت الى مرحلة شطب “وطن الأرز” عن الدفتر السعودي، والى إدارة ظهر خليجية كاملة له، أما العودة مع بداية شهر رمضان المبارك، فجاءت نتاج جهود مضنية بذلها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الذي نجح في كسر الطوق الخليجي المفروض على لبنان وفي إستعادة ثقة الخليجيين، حيث بدا من الحركة الدبلوماسية والسياسية الناشطة للسفير السعودي وليد البخاري أن هناك محاولة لتعويض ما فات المملكة خلال الفترة الماضية.
يمكن القول، ان الهدف الذي عمل عليه الرئيس ميقاتي طيلة الفترة الماضية قد تحقق، حيث تمكن في البداية من استيعاب صدمة المقاطعة، ثم سعى الى المعالجات التي توزعت بين المواقف السياسية المتقدمة تجاه المملكة ودول الخليج والترجمة الفعلية لهذه المواقف على ارض الواقع في منع تحويل لبنان منصة لاستهداف دول الخليج والنأي بالنفس عن الصراعات العربية – العربية، والانجازات الامنية التي تحققت على صعيد ضبط شبكات تهريب الكابتاغون وصولا الى ابلاغ السلطات السعودية والكويتية بمعلومات حول شبكات ناشطة على اراضيهما.
كل هذه الايجابيات من رئيس حكومة لبنان، معطوفة على بوادر انفراج في الاقليم، اثمرت عن انفتاح سعودي خليجي في اتجاهين، الاول عودة السفراء الى لبنان واستئناف نشاطهم الدبلوماسي والسياسي المعهود، والثاني التعاطي السعودي الايجابي مع موقع رئاسة الحكومة المستبعد منذ العام 2017.
وتؤكد مصادر مواكبة ان الرئيس ميقاتي كان وما زال موضع تقدير المملكة ودول التعاون الخليجي، لافتة الى ان الخارجيتين السعودية والكويتية عبرتا عن ذلك بوضوح خلال ترحيبهما بالبيان الذي اصدره وشدد فيه على “ضرورة قيام افضل العلاقات مع الاشقاء الخليجيين”، وبالتالي فقد نجح ميقاتي حيث اخفق نظرائه في اقناع المملكة بتبديل سياساتها تجاه لبنان، وقد تُرجم ذلك باتصال اجراه فور وصوله السفير البخاري بميقاتي لدعوته الى الافطار في منزله في الحازمية.
ولا شك في أن هذا الافطار شكل انطلاقة جديدة على صعيد العلاقة السعودية – اللبنانية التي سيكون اول الغيث فيها دفع مبلغ 36 مليون دولار دعما لمؤسسات اجتماعية وانسانية وتربوية وصحية من مركز الملك سلمان للاغاثة، على ان يلي ذلك مبادرات قد تكون من خلال مؤتمر الدعم الدولي الذي من المفترض ان يعقد قريبا أو غير ذلك.
تشير المعلومات الى ان اللقاء بين ميقاتي والبخاري كان ايجابيا جدا، وقد حرص الطرفان على عدم التفتيش في الاوراق القديمة او فتح دفاتر الاشهر الماضية بما في ذلك ازمة الوزير المستقيل جورج قرداحي وما رافقها وما تلاها، حيث اكد الرجلان ان ما حصل كان سحابة صيف وانتهت، وان التركيز اليوم سيكون على كيفية تطوير وتعزيز وتمتين العلاقة اللبنانية – السعودية مستقبلا.
وكان لافتا اعلان الرئيس ميقاتي بأنه سوف يزور السعودية خلال شهر رمضان، الامر الذي ترك سلسلة تساؤلات حول طبيعة هذه الزيارة وما اذا كانت مرتبطة بعودة المياه الى مجاريها بين البلدين، خصوصا ان السفير البخاري لم يُرض فضول الصحافيين في الرد على السؤال الذي طرح عليه بهذا الخصوص.
في حين تشير معلومات خاصة الى ان ميقاتي سيغادر الى السعودية في العشر الاواخر من رمضان لآداء العمرة، وهذه عادة يتمسك بها رئيس الحكومة في كل رمضان، لكنه آثر عدم الذهاب خلال السنتين المنصرمتين بسبب فيروس كورونا والاجراءات المشددة المتخذة من قبل السلطات السعودية في هذا الاطار.
وتؤكد المعلومات ان آداء العمرة سيكون البند الوحيد على جدول زيارة ميقاتي الى المملكة السعودية، ما سيجعل الكرة في ملعب قيادتها فإما ان تغتنم فرصة وجوده وتنظم له سلسلة لقاءات، او ربما تنتظر الى ما بعد العيد لتوجيه دعوة رسمية له لزيارة الرياض.
Related Posts