بالإضافة إلى كل الأزمات المالية والمعيشية التي هبطت على رؤوسهم منذ إن إنطلق الحراك الشعبي في خريف العام 2019 ، فإن التصريح حول المالية العامة الذي أطلقه نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي قد رفع مادة الأدرينالين في أجسام جميع اللبنانيين دون إستثناء، فالجميع يدركون خطورة الأوضاع المالية في لبنان، ولكنهم يتوقعون ان يتجرعوا ذلك السم “حبة حبة”، وليس عبر تصريح يقلب الأمور رأساً على عقب بين ليلة وضحاها.
فلمن فاته معرفة ذلك فإن الأدرينالين هو هرمون تنتجه إحدى الغدد في الجسم ولأنه ناقل عصبي يستطيع الدماغ السيطرة عليه وفق ما يقول الطب الحديث.
والأدرينالين يُفرز في الجسم بحالات الطوارئ والأزمات من أجل إيقاظ وتيقظ الجسم. وفي حالات الشعور بالإثارة بفعل الرياضات خصوصًا الخطيرة منها كالقفز من المرتفعات، وسباقات السيارات، وركوب الأمواج وما إلى ذلك. وهو يعمل على تحفيز يقظة واستجابة الجسم كله في حالات الخطر (القتال أو الهروب)، ويتمثّل هذا التحفيز في تمدد الممرات الهوائية بالجسم وذلك من أجل تزويد العضلات بالأوكسجين اللازم للقيام بعملية الهرب من الخطر.
هذا في الطب، أما في الواقع فقد ادى الأدرينالين ليس إلى تحفيز اللبنانيين على الهرب من ذاك الواقع المؤلم بل إلى “كربجتهم” في أماكنهم لا يستطيعون حراكاً حتى سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى استدراك الوضع عبر تفسير الكلام الذي صدر عن سعادة.
ولكن الذي فاجأهم اكثر وأكثر هو مسارعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى إصدار بيان يقول فيه بإقتضاب شديد ان” إفلاس “المصرف المركزي” غير صحيح. وعندها إندفع الادرينالين مجدداً إلى رؤوسهم ومنعهم من الوقوف على ارجلهم متذكرين تصريحات سلامة قبل أيام من إنطلاق الحراك في السابع عشر من تشرين الأول 2019 حين ناموا على صوته وهو يؤكد لهم أن الليرة بالف خير ليستفيقوا بعد أشهر على دولار بخمس وثلاثين الفاً فقط لاغير.
ولننسى ما حصل على هذا الصعيد. ولنقرأ في بعض وسائل الإعلام أن رئيس وفد صندوق النقد الدولي ارنستو راميريز الموجود في لبنان يمكن إختصار كلامه للعديد من الذين اجتمع بهم “أنتم محتالون” حيث قال لممثلي المودعين، وممثلي نقابات المهن الحرّة، وممثلي هيئات أصحاب العمل، وأعضاء في مجلس إدارة جمعية المصارف… الآتي: “أنتم تسرقون أنفسكم منذ 30 سنة وتعيشون على ودائعكم”.
فاذا كان هذا هو النموذج الذي نتفاوض به. وبالرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين لبنان ووفد صندوق النقد الدولي. فألف سلام على ذاك اللبنان الذي اقتنعنا يوماً أنه “قطعة سما”، فإذا به قطعة من “سابع جهنم”!
Related Posts