ميقاتي يطفئ بلبلة تصريح الشامي عن ″إفلاس الدولة″: قصد السيولة وليس الملاءة

سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى إطفاء وهج البلبلة التي أحدثها داخليا وخارجيا تصريح نائبه سعادة الشامي بشإن” افلاس الدولة”، مؤكداً أنّ “ما أخذ من حديث الشامي كان مجتزأً وهو قصد بما قاله السيولة وليس الملاءة”.

هذا الموقف استتبع بسلسة توضيحات للشامي ، فقال ل “النهار” ان حديثه اجتزئ من سياقه حين كان يجيب عن سؤال حول مساهمة الدولة ومصرف لبنان في تحمل الخسائر، فاعتبر أن في إمكانهما تحمّل جزء لكن وضعهما الصعب لا يسمح بتحمل الكثير لردم الهوة”.

وسأل الشامي عبر “النهار”: “من أنا لاعلن إفلاس الدولة؟، الحديث مجتزأ وأخشى أن تكون وراءه نية سيئة، ضميري مرتاح ونعمل بكل طاقاتنا لانجاز خطة تعاف اقتصادية ولابرام اتفاق مع صندوق الوقت في أقرب وقت”.

واستغرب الموضوع من ناحية قانونية وتقنية، فـ”لستُ المرجع الصالح لاعلان أمر مماثل”، مضيفاً “نحن في وضع مالي صعب ولدينا تعثّر في سداد الديون ومشاكل أخرى نأمل معالجتها عبر خطط إصلاحية مناسبة، لكن الأمر لا يعني إعلان الافلاس”.

ورداً على سؤال نفى الشامي أن يكون التصريح “تمهيداً لاعلان إفلاس رسمي من قبل المرجعيات المعنية”.

واوضح نائب رئيس الحكومة لـ”نداء الوطن” أنّ ما نُقل عن لسانه أتى في معرض “الإجابة عن سؤال حول مساهمة الدولة ومصرف لبنان بردم الهوة (المالية)، فكان رده أنّ وضع الدولة والمصرف المركزي صعب وليس لديهما سيولة كافية”، وأضاف: “أي أنني بالمعنى التقني قصدت بكلامي التعثر النقدي (Broke) وليس الإفلاس (Bankrupt)”.

أما الوزير السابق ريشار قيومجيان فرأى في تعليقه لـ”نداء الوطن” أنّ الشامي “يقول الحقيقة وليس سواها وهو صادق مع نفسه ومع الناس، فالدولة مفلسة وتتطلب إعادة نهوض”، مشدّداً على “ضرورة مصارحة اللبنانيين بالحقيقة وإقرار قانون الكابيتال كونترول وخطة إنقاذ إقتصادية وإعادة تكوين السلطة من خلال كوادر وشخصيات مستقلة وتكنوقراط توحي بالثقة للمستثمرين وتنفّذ الإصلاحات، وإلا فلا خلاص للبنان”.

أما الخبير الإقتصادي لويس حبيقة فحرص على التأكيد لـ”نداء الوطن” على كون “المفلس الوحيد في البلد هو المواطن الذين يريدون سلبه أمواله وودائعه، بينما الدولة لا تزال غنية بأملاكها ومؤسساتها وتعاني من مشكلة توفر السيولة في خزينتها، كما أنّ مصرف لبنان لديه أملاك وأصول وفروع متعددة، وباستطاعته مع الدولة إيجاد العديد من الطرق لتسديد فجوة الخسائر المالية من دون تحميل المواطن أية أعباء وخسائر”.

وكتبت” البناء”: بعد الهزة السياسية والاقتصادية التي أحدثها تصريح الشامي، سارع الأخير وكذلك مصادر رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى احتواء الموقف ونفي كلام نائب رئيس الحكومة الذي أوضح في حديث تلفزيوني آخر، إلى أنّ “كلامي اجتُزئ والفيديو الذي انتشر هو قسم من حديث في معرض ردّ على سؤال حول مساهمة الدولة ومصرف لبنان، في معالجة الخسائر في القطاع المصرفي، حيث كان جوابي أنّ الدولة غير قادرة على المساهمة، بشكل كبير في ردم الهوّة بما معناه ان ما من سيولة لديها”.

وأشار إلى أنّه “ما من مسؤول قادر على اعلان إفلاس الدولة، كما ورد عن لساني على مواقع التواصل، وأنا شخصيًا اذا قرأت عنوان خبر كما الذي وضع حول كلامي، لما أكملت القراءة لأنني حتمًا سأعرف أن هناك مغالطات أو اجتزاء أو كذبًا”. إلا أن مرجعاً وزارياً ومالياً سابقاً لفت لـ”البناء” إلى أن الدولة لا تفلس طالما أنها تمتلك أصولاً وأملاكاً ومرافق ومؤسسات يمكن استثمارها من قبل شركات أو دول خارجية لإدخال أموال الى خزينة الدولة وتحسين مستوى الخدمات، لكن “الحقيقة أن مصرف لبنان تكبد خسائر فادحة بقيمة 72 مليار دولار وكذلك المصارف، أما أموال المودعين فتبخّرت منذ عامين، وبالحد الأدنى نصف الودائع لم تعد موجودة في المصارف، وقد يصار إلى إعادة تكوينها وإعادتها لأصحابها، لكن الأمر يتطلّب سنوات”.

ويلفت المصدر الى أزمات في عدة دول أوروبية مشابهة للأزمة اللبنانية تمكنت من ايجاد الحلول واعادة النهوض وسد الديون واعادة الودائع، لكن في الحالة اللبنانية هناك أزمة متشعبة ومعقدة ومركبة.

ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” إلى أن تداعيات كلام الشامي بشأن الإفلاس يفترض بها أن تسلك طريق المعالجة مع العلم أن ما قاله الشامي أو حتى ما اجتزأ منه ليس بجديد، فالأفلاس واقع وقد سبق أن تحدث عنه عدد من المسؤولين منذ سنوات.

ونفى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة “إفلاس المصرف” مشدداً على أنه “لا يزال يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسيستمر بذلك”.

ولاحظ مسؤول مصرفي كبير، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن الفريق اللبناني المفاوض مع صندوق النقد برئاسة الشامي، يتجنّب، حتى الساعة، الإفصاح عن مقترحاته النهائية بشأن توزيع الخسائر المحققة على رباعي: الدولة، والبنك المركزي، والمصارف، والمودعين. لكن الإشهار الرسمي لإفلاس طرفين أساسيين في المعادلة يشي باعتماد خيارات مؤلمة بحق المودعين، بعد تسريبات مسبقة عن تذويب رساميل البنوك البالغة نحو 18 مليار دولار.

وأكد المسؤول أن تنصل الدولة من موجبات ديونها والبالغة نحو 104 مليارات دولار، ومن تحمل المسؤولية الأولى والأساسية حيال الانهيارات النقدية والمالية المتوالية على مدار سنتين ونصف السنة من دون استراحة، ينذر بإطاحة مسبقة لأي خطة إنقاذ تعكف الحكومة على إنجازها حالياً وتسليمها إلى بعثة الصندوق الموجودة في بيروت، مستهدفة تسريع عقد اتفاقية برنامج تمويل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal